قوله «مَنْ جَهِلَ اغَرَّ بِنَفْسِهِ وَكَانَ يَوْمُهُ شَرّاً مِنْ امْسِهِ» (١).
والآخر من أسباب الغرور والّذي يبتلي به الكثير من الناس هو الإغترار بزخارف الدنيا وبريقها من المال والمقام والشباب والجمال والقدرة وأمثال ذلك.
إنّ بعض الأشخاص الّذين يعيشون ضيق الافق وصِغَر النفس إذا وجدوا أحياناً أنّهم على شيءٍ من الثروة والمال أو المقام ، فسوف ينسون أنّ هذه عارية بأيديهم وأنّها في معرض الزوال والفناء ، وهذا النسيان يتسبّب لهم في العُجب والوقوع في دوّامة الغرور ، وهذا الغرور يتسبّب لهم في الابتعاد عن الله تعالى والاقتراب من الشيطان والتلوث بكثير من الذنوب.
ونقرأ في الحديث الشريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام قوله «الدُّنْيَا حُلُمٌ وَالْاغْتِرَارُ بِهَا نَدَمٌ» (٢).
وفي حديث آخر عن هذا الإمام عليهالسلام أنّه قال : «لَا تَغُرَّنَّكَ الْعَاجِلَةُ بِزُورِ الْمَلَاهِي ، فَانَّ الْلَهْوَ يَنْقَطِعُ ، وَيُلْزِمُكَ مَا اكْتَسَبْتَ مِنَ الْمَآثِم» (٣).
ومن العجائب أنّ جميع الناس يرون بامّ أعينهم ظاهرة الزوال السريع للنعم المادية والدنيوية وتلاشي الأموال والثروات وسقوط الحكومات والقدرات الدنيوية كلّ يوم ، ولكن عند ما تصل النوبة إليهم يتملكهم الغرور الشديد بحيث يتصوّرون انّ ما يتعلق بهم مخلّد وسيبقى إلى الأبد ولا يزول عنهم إطلاقاً.
أجل فإنّ أسباب الغرور متنوعة بشكل كبير ، والخلاص من هذه المصيدة صعبٌ جداً ولا يتسنّى للإنسان إلّا في إطار التقوى والتوكل على الله والالتفات إلى انّ جميع هذه الامور سريعة الزوال وفانية.
٣ ـ علائم الغرور
إن علامات الغرور تارة تكون واضحة جداً بحيث إنّ الإنسان يدركها فوراً وفي أوّل
__________________
١ ـ غرر الحكم ، ح ٨٧٤٤.
٢ ـ غرر الحكم ، ح ١٣٨٤.
٣ ـ غرر الحكم ، ح ١٠٣٦٣.