بكم أمواج البلاء والطوفان فلا ملجأ.
وأساساً فإنّ أحد علامات المستكبرين هو أنّهم لا يتعاملون مع المسائل الّتي لا تدور في دائرة مصلحتهم ومنفعتهم من موقع الجديّة بل يتخذونها وسيلة للعب واللهو ويتحركون دائماً من موقع الاستهزاء والسخرية بالمستضعفين حيث يمثل ذلك جزءاً من سلوكهم وديدنهم في حياتهم ، وكم رأينا أنّهم في مجالسهم ينطلقون للعثور على مؤمن مستضعف ليجعلونه محور سخريتهم وضحكهم ، وبذلك يكون هذا السلوك منشأ للترفيه عن أنفسهم ، فهؤلاء وبسبب هذه الروح الاستكبارية يرون أنّهم العقل الكلّي ويتصورون أنّ الثروة الّتي اكتسبوها من الطريق الحرام هي علامة وآية لذكائهم ولياقتهم الّتي تبيح لهم أن يتعاملوا مع الآخرين من موقع التحقير والتهميش.
وفي «الآية الرابعة» نتجاوز عصر نوح عليهالسلام لنصل إلى عصر (قوم عاد) ونبيّهم هود عليهالسلام ، وهنا نرى أنّ السبب الأساس لشقاء هؤلاء القوم الظالمين هو عامل التكبّر وروح الاستكبار المترسخة في نفوسهم حيث تقول الآية : (فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ)(١).
وهنا نرى أيضاً أنّ هذه الصفة الأخلاقية الذميمة وهي صفة التكبّر والاستكبار كانت سبباً بأن يتصوّروا أنفسهم أقوى الموجودات في عالم الخلقة وحتّى أنّهم نسوا قدرة الله تعالى وبالتالي تعاملوا مع الآيات الإلهية من موقع الإنكار وأوجدوا جداراً سميكاً بينهم وبين الحقّ.
والملفت للنظر أنّ الآية الّتي تليها (الآية ١٦ من سورة فصلت) تشير إلى أنّ الله تعالى ولأجل تحقير هؤلاء المتكبرين المعاندين قد سلط عليهم اعصاراً شديداً ومهولاً في أيّام نحسات بحيث جعلت من أجسادهم كالرماد المبثوث وكالريشة في مهب الريح.
__________________
١ ـ سورة فصلت ، الآية ١٥.