وعائلتهم ، وهذا هو البخل أو الشح الّذي يحرم الإنسان من النعم والمواهب الإلهية في عين تملكه للإمكانات والثروات الوفيرة فيعيش عيشة الفقراء وهو غني.
وقد نرى في زماننا هذا بعض الأشخاص الّذين يبتلون بطول الأمل ويتحركون في سبيل تأمين حياتهم وأبناءهم تحت عنوان (التأمين على الحياة) ويُحرموا بذلك أنفسهم وأبناءهم من المواهب والنعم الإلهية الكثيرة!!
٧ ـ طول الأمل وعدم إدراك الحقائق
إنّ الآمال والتمنيات البعيدة حالها حال السراب الّذي يخدع الضمآن في الصحراء المحرقة ويجرّه إليه ليعيش الضمأ والعطش أكثر دون أن يصل إلى مقصوده ، فهذه الآمال والتمنيات تُظهر الامور الواقعية بأقنعة مزيّفة ولذلك لا يُدرك الإنسان أين يذهب وإلى أين يتجّه؟ وما هي وظيفته في قِبال الامور المصيرية؟
ومن ذلك ورد في الحديث الشريف الّذي سبقت الإشارة إليه ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام قوله «الْامَانِيُّ تُعْمِي عُيُونَ الْبَصَائِرِ» (١).
وخلاصة الكلام انّ الشخص الّذي يمكنه إدراك وجه الحقيقة الجميل كما هو عليه هو الشخص الّذي لا يغطي عقله بحجاب الآمال والتمنيات ولا يعيش وسط السُحُب المظلمة والمظلّة لطول الأمل.
٨ ـ طول الأمل وكفران النعمة
ومن البديهي أنّ طول الأمل يقود الإنسان لأن يتعلق قلبه بما لا يحصل عليه أبداً ولهذا فإنه يرى نعمة الله عليه قليلة ومواهبه حقيرة فلا يتعامل مع ما لديه من هذه المواهب العظيمة من موقع الإهتمام والعناية وهذا هو عين كفران النعمة ممّا يترتب عليه عواقب سيّئة في الدنيا والآخرة.
وقد ورد في الحديث الشريف عن الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : «تَجَنَّبُوا الْمُنَى فَانَّهَا تُذْهِبُ بِبَهْجَةِ نِعَمِ اللهِ عِنْدَكُمْ ، وَتُلْزِمُ اسْتِصْغَارَهَا لَدَيْكُمْ ، وَعَلَى قِلَّةِ الشُّكْرِ مِنْكُمْ» (٢).
__________________
١ ـ غرر الحكم ، ح ١٣٧٥.
٢ ـ تصنيف الغرر ، ص ٣١٤.