وهذه النقطة صادقة أيضاً في الأمراض الأخلاقية ، وذلك بأن يقوم معلم الأخلاق باستبدال الآمال الطويلة في الامور المادية بالآمال الطويلة المعنوية في دائرة الثواب الإلهي في الآخرة أو الرغبة الشديدة إلى العلم والمعرفة والتقرب إلى الله تعالى بدلاً من العشق للمال والجاه و.... وأمثال ذلك.
النقطة الاخرى : أنّ للآمال بدورها مراتب ، فأحياناً يتمنّى الإنسان أن يكون له عمراً طويلاً أو مخلّداً ، كما يتحدّث القرآن الكريم عن طائفة من اليهود ويقول : «... يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ ...» (١).
وهذا الطلب لعدد ألف سنة إذا كان المراد به هو هذا المقدار بالذات فيدلّ على طلبهم للعمر الطويل جدّاً ، ولو كان المراد منه بيان الكثرة فيدلّ على طلبهم للعمر اللامتناهي واللامحدود.
بعض الناس يعيشون التمنيات والآمال في مراحل أدنى من ذلك ، كأن يتمنّى أن يعيش مائة سنة ، أو خمسين سنة ، أو عشر سنوات أو أقل ، ويُستفاد من الروايات انّ كلّ هذه تُعدْ من الآمال الطويلة (وطبعاً إذا كان الهدف من ذلك هو نيْل المتع المادية وتحصيل الامكانات الدنيوية فحسب لا الأبعاد المعنوية والإلهية والتحرّك في خطّ تقدّم البشرية وخدمة الناس).
ومن جهة اخرى فإنّ الآمال والتمنيات لها أنواع مختلفة ، فأحياناً يكون الهدف منها هو الجهة المادية ، واخرى المقام ، وثالثة الشهوات ، ورابعة جميع ذلك.
وجميع هذه الأقسام للآمال والتمنيات الطويلة والعريضة مذمومة في الدائرة الأخلاقية رغم أن بعضها أقبح من البعض الآخر.
الآمال والتمنيات الإيجابية والبنّاءة :
وآخر ما يمكن أن يُقال في بحث طول الأمل هو أنّ الآمال والتمنيات ليست بأجمعها
__________________
١ ـ سورة البقرة ، الآية ٩٦.