(وقد تقدّمت الإشارة إلى هذا المعنى في تفسير الآيات السابقة).
٥ ـ إنهما يورثان صاحبهما الألم والتعب والوقوع في زحمة المشاكل الكثيرة ، لأنهما يتسببان بالإنسان أن يعيش مدّة طويلة ولسنوات عديدة أحياناً في حالة من الحيرة والضلال ، وعند ما يصل إلى طريق مسدود فإنه عند ذاك يشعر بالتعب واليأس من هذا الطريق الموحش.
ومن هذا الموقع نقرأ في الحديث الوارد عن أمير المؤمنين عليهالسلام قوله : «ثَمَرةُ اللِّجَاجِ الْعَطَبَ» (١).
ولهذا السبب فإننا نجد أنّ التعصّب غالباً ما يورث الندم كما تقدّمت الإشارة إليه في الأحاديث السابقة.
٦ ـ انهما يُفقدان الشخص توازنه في اختيار الامور ويجرانه إلى مواقع لن يرغب الولوج فيها ، ولهذا ورد في بعض الأحاديث الإسلامية عن أمير المؤمنين عليهالسلام قوله : «لَا مَرْكَبَ اجْمَحَ مِنَ اللِّجاجِ» (٢).
٧ ـ وأخيراً فإنّ التعصّب واللجاجة يحوّلان حياة الإنسان في دنياه وآخرته إلى دمار وخراب ، لأنهما يورثانه في حياته الدنيا العداوة والفرقة والاخطاء الكثيرة وفقدان الراحة والهدوء والاستقرار ، وفي الآخرة يتسببان في ابتعاده عن رحمة الله ، وهذا هو ما ورد في الرواية عن أمير المؤمنين عليهالسلام : «اللِّجَاجُ اكْثَرُ الْاشْيَاءِ مَضَرَّةً فِي الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ»
ومرّة اخرى نرى من الضروري الإشارة إلى هذه الحقيقة ، وهي أنّ هذه الرذائل الأخلاقية الثلاث (التعصّب واللجاجة والتقليد الأعمى) رغم أنّها تختلف في دائرة المفهوم والمحتوى إلّا أنّها تتحد في دائرة المصداق وترتبط برابطة وثيقة ، وفي الإصطلاح : بينهما علاقة اللازم والملزوم ، ولذلك أوردناها جميعاً في بحث واحد.
__________________
١ ـ غرر الحكم ، (طبقاً لنقل ميزان الحكمة ، باب اللجاجة).
٢ ـ المصدر السابق (مادّة لجاجة).