أمّا الدوافع على التعصّب واللجاجة فواضحة أيضاً ، لأن أشكال التعصّب الأعمى والمخرّب ينطلق قبل كلّ شيء من الجهل بالامور ، ولهذا السبب فإنّ كلّ طائفة تعيش الجهل أكثر فإنّها تعيش حالة التعصّب والتقليد الأعمى أكثر إلى درجة أنّ الإنسان على هذا المستوى غير مستعد لإيجاد التحول والتغيير نحو الأفضل في وضعه وحالته النفسية والاجتماعية ، ولذلك كانت العصبية دائماً سبباً للتخلف الحضاري والاجتماعي.
وقد قرأنا في الأخبار السابقة أيضاً ما ورد عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «إياك واللجاجة ، فإنّ أولها جهل وآخرها ندامة».
والعامل الآخر الّذي يدفع الإنسان باتجاه التعصّب واللجاج هو الأنانية وحبّ الذات ، لأن الشخص الأناني يحبّ كلّما لديه من العلائق والامور الّتي تُنسب إليه وترتبط به حتّى على المستوى الاصول والتقاليد الخاطئة والعقائد الزائفة ، ولذلك قد يظهر عصبية شديدة لما عليه قومه وقبيلته من التقاليد والعقائد ويقبل ما ورثه من آبائه من السنن والمعارف من دون أيّ تحرّك فكري واستقلال عقلي.
وأحياناً يكون التقاعس وحبّ الراحة من الدوافع الاخرى الّتي تقود الإنسان للتعصّب واللجاجة ، لأن الانتقال من حالة إلى اخرى يحتاج في كثير من الأحيان إلى بذل الجهد والسعي ومواجهة الموانع والتحديات الّتي يفرضها الواقع ، وأنّى للكسول والمتقاعس أن يتحرك في هذا السبيل ، ولهذا السبب نجده يتمسك دائماً بما لديه من الأفكار والعقائد والأوهام المختلفة.
٣ ـ التعصّب الإيجابي والسلبي
هناك ثلاث مفاهيم متقاربة في المعنى وهي : التعصّب ، الحميّة ، التقليد ، وكلّ واحدٍ من هذه الامور تنقسم إلى :
إيجابي وسلبي. أو : ممدوح ومذموم ،