قبيل قوله تعالى : (... إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ)(١).
وهذا لا يرتبط بمسألة التعصّب المذموم الّذي هو الدافع للإنسان إلى سلوك طريق اللجاجة والتقليد الأعمى.
٥ ـ طرق العلاج
إن الطريق لعلاج هذه الرذيلة الأخلاقية هو كسائر علاج الرذائل الأخلاقية الاخرى فإنه يتطلب في المرتبة الاولى الإلتفات إلى الدوافع والجذور والسعي لإزالتها من واقع الإنسان وباطنه ، ومع العلم بأنّ جذور التعصّب هو ما تقدّم من الانانية والافراط في حبّ الذات ، انخفاض المستوى الثقافي ، ضعف الشخصية ، العزلة الاجتماعية والفكرية ، وأمثال ذلك.
ولا بدّ لإزالة هذه الصفة الرذيلة وتطهير النفس منها من الصعود بالمستوى العلمي والثقافي للأفراد والسعي للتعرف على الأقوام والشعوب الاخرى والاطلاع على أفكارهم وعقائدهم ، وكذلك تعديل حبّ الذات في شخصية الإنسان وقلع الميول والاتجاهات المضرة في نفسه والّتي تورثه التعصّب واللجاجة والتقليد الأعمى.
وكذلك يجب الالتفات إلى الآثار السلبية لهذه الحالات الذميمة من أجل إصلاح النفس وتهذيبها وتطهير القلب من هذه الشوائب والأدران المحيطة بها.
وعند ما يدرك الإنسان أنّ التعصّب واللجاجة تسدل على فكره وعقله حجاباً وستاراً مضمراً يمنعه من إدراك الحقائق وفهم الواقعيات وكذلك من شأنه أن يمزق العلائق الإجتماعية بين أفراد المجتمع ويبذر بذور النفاق والاختلاف والفرقة بينهم ، ويُفضي إلى الشقاء والتعاسة ويورث الإنسان التعب والدرك وحتّى انه قد يؤدي به إلى الإنزلاق في دوّامة من المشاكل لم يكن يتوقعها أبداً. فمطالعة هذه الامور من شأنها أن تقلّل من شدّة العصبية والعناد وتساعد الإنسان في النزول عن مركب الغرور والتعصّب والتقليد الأعمى
__________________
١ ـ سورة الزخرف ، الآية ٢٣.