خوف موهوم في هذا الطريق.
إنّما تقدّم آنفاً يوضح جيداً أنّ الشجاعة هي الفضيلة الّتي تقع في الحدّ الوسط بين (التهوّر) و (الجبن).
٢ ـ الآثار السلبية للجُبن في حركة الحياة الفردية والاجتماعية
ويترتب على هذه الصفة الرذيلة آثار سلبية كثيرة في حياة الإنسان والّتي تُعد من الأسباب والعوامل المهمة في فشله وذلّته.
إننا نقرأ الكثير عن حالات الشعوب والامم على طول التاريخ البشري ، ونقرأ أنّ الكثير منها رغم امتلاكها لوسائل القوّة والمنعة من العُدة والعدد ، إلّا أنّها كانت تعيش الذلّة والمهانة والأسر لسنوات طويلة ، ولكن بمجرد أن ينبري من بينها قائد شجاع وشهم يتخطّى بها صفوف التقدّم والنهضة ويُعبّي طاقاتها وأفرادها في سبيل الكرامة والتقدّم فإنّها سرعان ما تنفض عن نفسها رداء الذلّة والمهانة والتخلف وترتقي إلى أوج العزّة والعظمة.
إن شجاعة نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله في مختلف موارد سيرته العملية من هجرته إلى المدينة وموقفه في بدر واحد والأحزاب وسائر الغزوات الاخرى يُعد من أهمّ العوامل لانتصار المسلمين وتقدّمهم السريع ، ولهذا ورد في الأحاديث الإسلامية عن الإمام علي قوله : «الشُّجَاعَةُ عِزٌّ حَاضِرٌ وَالْجُبْنُ ذُلٌّ ظَاهِرٌ» (١).
ويقول في مكان آخر أيضاً : «الشُّجَاعَةُ نَصْرَةٌ حَاضِرَةٌ وَفَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ» (٢).
وأحد الآثار السلبية الاخرى لهذه الرذيلة الأخلاقية هو أنّها تمنع الإنسان من التصدي لكثير من الأعمال والنشاطات المهمة ، لأن هذه الأعمال الكبيره تقترن عادة مع مشاكل كبيرة أيضاً وتتطلّب رجالاً يقفون أمام هذه المشكلات والموانع من موقع الشجاعة والجرأة ، فلا يتسنّى للشخص الجبان أن يخوض في اطار هذه الأعمال إطلاقاً.
__________________
١ ـ الآمدي ـ الغرر والدرر ، ج ٧ ، ص ١٧١.
٢ ـ المصدر السابق.