التوكل في الأحاديث الإسلامية :
وتولي الروايات الإسلامية أهمية كبيرة إلى هذه الفضيلة إلى درجة اننا قلما نجد من الآثار الإيجابية والبركات على صفة من الصفات الأخلاقية الفاضلة مثلما ورد في حقّ هذه الفضيلة ، وما سنذكره من الروايات الشريفة عبارة عن نماذج مقتطفة من كثير ممّا ورد في هذا الباب ممّا لا يسمح لنا المجال لاستيعابها جميعاً.
١ ـ ما ورد في الحديث الشريف عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «مَنْ سَرَّهُ انْ يَكُونَ اقْوَى النَّاسِ فَلْيَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ» (١).
٢ ـ ونقرأ في حديث آخر عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : «فِي التَّوَكُّلِ حَقِيقَةُ الْايقَانِ» (٢).
٣ ـ وفي حديث آخر عميق المعنى ما ورد في قصة إبراهيم عليهالسلام في تفسير علي بن إبراهيم حيث تقول الرواية : أنّه لما وضعوا إبراهيم في المنجنيق ، جاءه عمه آذر وصفعه على وجهه بشدة وقال له : ارجع عما أنت عليه ، ولم يبق شيء إلّا طلب إلى ربه ، أن ينجي ابراهيم وقالت الأرض يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره فيحرق ، وقالت الملائكة مثل ذلك وجاء إليه جبرئيل في الهواء ، وقد وضع في المنجنيق ، فقال يا إبراهيم هل لك إليّ من حاجة؟ فقال إبراهيم أما إليك فلا ، وأما إلى ربّ العالمين فنعم. فدفع إليه خاتماً عليه مكتوب : «لَا الَهَ الَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ ، الْجَأْتُ ظَهْرِي الَى اللهِ ، اسْنَدْتُ امْرِي الَى اللهِ ، وَفَوَّضْتُ امْرِي الَى اللهِ» فأوحى الله إلى النار (كوني برداً وسلاماً) فاضطربت اسنان إبراهيم من البرد حتّى قال (سلاماً على إبراهيم) فهبط جبرئيل وجلس معه يحدثه في النار وفي روضة خضراء ، ونظر إليه نمرود فقال : من اتخذ اله فليتخذ مثل اله ابراهيم (٣).
أجل فإنّ التوكل على الله تعالى قد حوّل النار إلى بستان جميل وجنّة خلابة ، هذا التوكل الّذي منح إبراهيم القوّة على ضبط النفس والهدوء والسكينة حتّى انه لم يجد حاجة إلى
__________________
١ ـ كنز العمال ، ج ٣ ، ص ١٠١ ، ح ٥٦٨٦.
٢ ـ غرر الحكم ، ح ٣٨٥٣.
٣ ـ تفسير علي بن سورة إبراهيم ، الآية ص ٧٢ و ٧٣ (مع التلخيص).