الأسباب الغيبية وغير الطبيعية ، ولهذا لم يقبل إبراهيم عليهالسلام في هذه المرحلة بالذات أن يمد يده إلى ما سوى الله تعالى (فتدبّر).
٢ ـ معطيات التوكل وآثاره الإيجابية
بما أنّ المتوكل على الله في الحقيقة يفوّض أمره وحاله وعمله إلى الله تعالى ، ويعلّق أمله بالقدرة اللامتناهية والذات المقدسة العالمة بكلّ شيء ، ويعتمد على الله الّذي بإمكانه أن يحلّ له جميع المشكلات ويسهل عليه ما عسر من الصعوبات ، فإنّ أوّل أثر إيجابي يخلقه التوكل في واقع الإنسان هو أن يثير في نفسه مسألة الاعتماد على الذات ومقاومة المشكلات والوقوف على قدميه أمام سيل الحوادث الكبيرة في حركة الحياة.
ولو أنّ شخصاً وجد نفسه وحيداً في ميدان القتال مع الأعداء فإنه مهما كان قوياً ومستعداً للقتال فإنه سرعان ما يجد الضعف يدبّ في نفسه ويفقد اعتماده على نفسه ، ولكن إذا أحسّ بأنّ جيشاً قوياً يدعمه من الخلف فإنه سيشعر بالقدرة الفائقة والشجاعة رغم عدم امتلاكه لأدوات القوّة ورغم ضعفه الذاتي.
وقد وردت الإشارة إلى هذا المعنى في الأحاديث الإسلامية أيضاً ، ففي الحديث الشريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : «كَيْفَ اخَافُ وَانْتَ امَلِي وَكَيْفَ اضَامُ وَانْتَ مُتَّكَلِي» (١).
وفي حديث آخر عن الإمام الباقر عليهالسلام أنّه قال : «مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ لَا يُغْلَبُ ، وَمَنْ اعْتَصَمَ بِاللهِ لَا يُهْزَمُ» (٢).
أجل فكلّ إنسان يتوكل على الله فإنه يعيش الغنى وعدم الحاجة ويشعر بالعزّة والكرامة كما ورد في الحديث عن الإمام الصادق عليهالسلام قوله : «انَّ الْغِنَى وَالْعِزَّ يَجُولَانِ فَاذَا ظَفَرَا
__________________
١ ـ بحار الأنوار ، ج ٩١ ، ص ٢٢٩.
٢ ـ ميزان الحكمة ، ج ٤ ، ص ٣٦٥٩ ، ح ٢٢٥٤٧.