الولوغ في الخطيئة فإنّ عاقبتهم أنّهم سيكونون من أهل الجنّة بعد تطهير قلوبهم من الآثار السلبية لاضاعة الصلاة واتباع الشهوات.
«الآية الثانية» وضمن بيان التقابل بين «الرجوع إلى الله» و«اتباع الشهوات» ، والإشارة إلى أنّ هذين المفهومين لا يلتقيان في الإنسان في جهة واحدة بل يسيران به في جهتين مختلفتين تقول : (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً)(١).
أجل فالأشخاص الّذين غرقوا في وحول الخطايا والشهوات يريدون أن يورطوا الآخرين في الخطيئة وممارسة الاثم ليكونوا من أمثالهم ويتلوثوا بالذنوب ، في حين أنّ الله تعالى يريد للناس الطهر والنقاء القلبي بتركهم الشهوات وبعودتهم إلى الله ، وبالتالي لينالوا المعرفة والصفاء والتقوى والسعادة الدائمة ، ويقول الأعاظم من المفسّرين أنّ المراد من «الميل العظيم» هو هتك الحدود الإلهية والتلوث بأنواع الذنوب والخطايا ، والبعض منهم يرى أنّ المقصود منها هو نكاح المحارم وأمثال ذلك الّتي ورد النهي عنها في الآية السابقة والّتي هي في الواقع أحد مصاديق المفهوم أعلاه.
والجدير بالذكر أنّ اتباع الشهوات الوارد في الآية الكريمة يمكن أن يكون له مفهوم عام ، وكذلك يمكن أن يكون إشارة إلى الشهوة الجنسية بالخصوص ، لأن هذه الآية وردت بعد آيات تحدثت عن حرمة نكاح المحارم والنساء المحصنات والجواري والبغايا من الجواري ، وعلى أي حال فإنّ هذه الآية تقرر حقيقة مهمة في هذا المجال ، وهي أن طريق «اتباع الشهوات» تتقاطع تماماً مع طريق «الانفتاح على الله».
الآيات الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة من الآيات محل البحث تتحدّث عن قصة قوم لوط وتورطهم في إنحراف أخلاقي في دائرة الغريزة الجنسية ، فالشهوة هنا امتزجت مع انحرافات جنسية كثيرة على طول التاريخ ، وفي كلّ آية من هذه الآيات الكريمة هناك نكتة
__________________
١ ـ سورة النساء ، الآية ٢٧.