وقد ورد هذا المفهوم في النصوص الدينية في الأغلب بمعناه السلبي ، ولكن أحياناً ورد بمعناه الإيجابي من قبيل قوله تعالى مخاطباً لأهل الجنّة (... وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ ...)(١) أو يقول في مكان آخر (... وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ...)(٢).
وعلى أي حال فإنّ هذه المفردة وردت في الأغلب بمعناه السلبي والّذي يدلّ على الافراط في اتباع الأهواء والنوازع النفسانية وغلبة الميول المخربة والمفضية إلى الوقوع في الخطيئة والمعصية.
وهكذا نجد أنّ هذه المفردة ومشتقاتها قد وردت في ثلاثة عشر مورداً في القرآن الكريم ، ستة موارد منها تحمل المفهوم الإيجابي عن هذه المفردة ، وسبعة اخرى تحمل في مضمونها المعنى السلبي.
وعلى أي حال فإنّ «الشهوة» بأي معنىً كانت إذا قصد منها المفهوم الخاصّ فإنّها تستبطن الأفراط في اشباع الشهوة وبالتالي يترتب عليها الآثار المخربة والنتائج الوخيمة المترتبة على هذا السلوك المفرط في طلب اللّذة ، وقد مرّت الإشارة إلى هذه العواقب الوخيمة في الروايات والأحاديث المذكورة آنفاً ، ولا بدّ من الاذعان إلى أنّ مسيرة التاريخ مملوءة من هذه النتائج والعواقب الوخيمة للأفراط في اشباع الشهوات ويمكننا الإشارة إلى هذه العواقب بشكل مختصر في ما يلي :
١ ـ التلوث بالذنب
إن طلب اللّذة وعبادة الشهوة يسوق الإنسان باتجاه منزلقات الإثم وارتكاب أنواع الذنوب ، وفي الحقيقة انه يعد المصدر الأساس للذنب ومعصية الله تعالى لأن الشهوات إذا تغلبت على الإنسان فبإمكانها أن تعمي وتصم الإنسان عن رؤية المخاطر ويكون مصداقاً للحديث النبوي الشريف حبُّك للشَّيء يُعمي ويُصم» (٣) وبذلك تنقلب المفاهيم والحقائق
__________________
١ ـ سورة فصلت ، الآية ٣١.
٢ ـ سورة الزخرف ، الآية ٧١.
٣ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٤ ، ص ١٦٥.