تُؤْلِمُهُ الْبَقَّةُ وَتَقْتُلُهُ الشَّرْقَةُ ، وتُنْتِنُهُ الْعَرْقَةُ» (١).
فهل مع هذا الحال يليق بالإنسان أن يرى لنفسه تفوقاً وتكبّراً على الآخرين ويفتخر عليهم من موقع رؤية العظمة للذات والأنا؟
ملاحظات :
وقد بقيت هنا مسائل وامور مهمّة لا بدّ من بيانها وهي كما يلي :
١ ـ تعريف التكبّر وحقيقته
قال علماء الأخلاق : إنّ أساس التكبّر وتعريفه هو أن يرى الإنسان علوّاً وتفوقاً على غيره ، وعليه فالتكبّر يتكون من ثلاثة أركان : الأوّل أن يرى لنفسه مقاماً ومرتبة معيّنة ، الثاني أن يرى لغيره أيضاً مقاماً معيّناً ، والركن الثالث أن يرى مقامه أعلى من مقام الآخر ويشعر بالراحة والفرح لأجل ذلك.
وعلى هذا الأساس قالوا : إنّ التكبّر يختلف عن العُجب ، ففي العجب لا توجد مقارنة مع الآخر ، بل إنّ الإنسان يتملّكه حالة من رؤية العظمة في نفسه بسبب العلم أو الثروة أو القدرة أو حتّى العبادة حتّى لو لم يكن إنسان آخر على وجه الأرض ، ولكن في حالة التكبّر هناك مقارنة مع الآخرين حتماً بحيث يرى نفسه أعلى منهم.
إنّ مفردة «الكبر والتكبّر» تارة تطلق على الحالة النفسية الّتي ذكرناها آنفاً ، وتارة اخرى تطلق على العمل أو الحركة الناشئة من تلك الحالة النفسانية ، مثلاً أن يجلس الإنسان أو يسير بخطوات أو يتحدّث بحديث يظهر منه انه يرى لنفسه تفوقاً على أقرانه وجلسائه ، فمثل هذه الأعمال والسلوكيات تسمّى بالتكبّر أيضاً والّتي تمتد في جذورها وأصلها إلى تلك الحالة الباطنية والنفسانية الذميمة.
إنّ علائم التكبّر كثيرة ، منها أنّ المتكبر يتوقع اموراً كثيرةً من الناس مثل أن يتوقع منهم
__________________
١ ـ نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، ٤١٩.