ثمّ أضاف : «نُبَوِّئُهُمْ اجْدَاثَهُمْ وَنَأْكُلُ تُرَاثَهُمْ كَأَنَّا مُخَلَّدُونَ بَعْدَهُم» (١).
٤ ـ ومن العلامات الاخرى للغفلة أنّ الإنسان ينفق وقته وعمره الثمين في امور موهومة لا تنفعه لحياته الاخروية ، أو يتلف السنوات المديدة من عمره وشبابه في مواقف وأعمال لا تعود عليه بالنفع الدنيوي ولا الاخروي ، يقول أمير المؤمنين عليهالسلام : «كَفى بِالْرَّجُلِ غَفْلَةً انْ يُضِيعَ عُمْرَهُ فِي مَا لا يُنْجيهِ» (٢).
وفي رواية اخرى عنه أنّه قال : «كَفى بِالْمَرْءِ غَفْلَةً أَن يَصْرِفَ هِمَّتَهُ فِي مَا لا يَعْنِيهِ» (٣)
٤ ـ الطرق الكفيلة بمكافحة الغفلة
تعتبر «الغفلة» من الأمراض الأخلاقية الخطرة ، ولا بدّ في علاجها من استخدام الأصول الكلية والمبادئ العامّة المستخدمة في هذه المباحث الأخلاقية.
ففي المرحلة الاولى علينا التفكر في عواقب ونتائج الغفلة وخاصّة ما تقدّم ذكره من الروايات الشريفة والمباحث الأخلاقية السابقة في هذا الموضوع ، فإنّ التدبر في العواقب الوخيمة هذه له أثرٌ كبير في التنبه في أن يعيش الإنسان حالة التنبه والوعي ويعود إلى سلوك طريق المعرفة واليقظة ، مثلاً عند ما يريد التخلص من الأدمان على المواد المخدرة أو يريد الوقاية من الوقوع في أسرها ، فعليه أن يتفكر في الأشخاص الّذين ابتلوا بهذه البلية السوداء ، وما كانت نتيجة حالهم وعاقبة أمرهم ، وما حلَّ بهم وبأسرهم وابنائهم من الدمار والارباك والاهتزاز في العلاقة العائلية ، وحينئذٍ سوف يتسنّى له التوقف والانتباه وسلوك طريق العودة بل وتقديم النصح للآخرين وتحذيرهم من الوقوع في هذا الوادي المهلك ، وكذلك لا بدّ من الرجوع إلى جذور هذه الحالة والعمل على علاجها وقطع جذورها و... فما دامت أسباب المرض باقية في روح الإنسان فإنّ العلاج سوف يكون ابتراً.
__________________
١ ـ نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، الحكمة ١٢٢.
٢ ـ شرح غرر الحكم ، ج ٤ ، ص ٥٨٥.
٣ ـ المصدر السابق.