بَيْنَ السَّيِئَتَينِ» ثمّ تلى هذه الآية الشريفة (١).
وفي «الآية العاشرة» والأخيرة من الآيات محل البحث نجد خطاباً من الله تعالى لنبيه الكريم صلىاللهعليهوآله (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ)(٢).
وفي ختام هذه الآية يقول : (وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً)(٣) وهنا وردت كلمة «إنسان» للاشارة إلى الإنسان المنقطع عن الله والّذي لم يتحرّك في طريق التربية النفسية والتهذيب الأخلاقي بل كان يسير في خطّ البخل والامساك والتقتير ، وإلّا فإنّ الإنسان إذا تحرّك تحت تعليم «أولياء الله» وتربيتهم فإنّ ذلك من شأنه أن يحفظ له فطرته السليمة ، فلا يكون بخيلاً أو ممسكاً أو قتوراً ، ويستفاد من تعبير الآية أعلاه أن «البخل» لا يكون دائماً متزامناً مع حاجات الإنسان الشخصية أو الجماعية بل إنّ هذه الرذيلة الأخلاقية قد تترسخ في وجود الإنسان بحيث لو انه اعطي خزائن الله تعالى لبخل في العطاء أيضاً رغم انه لا يجد في واقعه العملي حاجة إلى كلّ تلك الكنوز والخزائن.
وتعبير (كانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً) ورد بشكل مطلق كما هو الحال في موارد اخرى من القرآن الكريم في قوله تعالى (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ)(٤) و (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ)(٥) و (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ)(٦) و (إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)(٧).
وأمثال هذه التعبيرات وكلّها تشير إلى أن الإنسان المتصف بمثل هذه الصفات هو من فقد فطرته الأولية السليمة وابتعد عن تعاليم الأنبياء والأولياء في خطّ التربية ، وإلّا فإنّ كلّ
__________________
١ ـ تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ، ج ٧ ، ص ٤٧٨٩.
٢ ـ سورة الإسراء ، الآية ١٠٠.
٣ ـ المصدر السابق.
٤ ـ سورة العاديات ، الآية ٦.
٥ ـ سورة الحجّ ، الآية ٦٦.
٦ ـ سورة الزخرف ، الآية ١٥.
٧ ـ سورة إبراهيم ، الآية ٣٤.