اليقين ، وحتّى لو كانت هذه الفضيلة لدى الأشخاص الّذين يعيشون البعد عن الإيمان والتقوى فإنّ ذلك سيكون مفيداً لهم ، وفي حديثٍ شريف أنّ الله تعالى أوحى للنبي موسى عليهالسلام بأنه «لا تَقْتُلُ السَّامِريَّ فَانَّهُ سَخِيٌّ» (١).
ومن المعلوم أنّ السامري تسبب في فساد عظيم في بني إسرائيل واشاع فيهم دين الوثنية وعبادة الاصنام وفي النهاية عاش طريداً وحقيراً إلى درجة انه ربما رجّح الموت على الحياة ، ولكن مع ذلك فإنّ الله تعالى أوحى لموسى عليهالسلام أنّ يحفظ دمه ولا يقتله لسخاءه وكرمه.
وقد نقل عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال لعدي ابن حاتم الطائي «دُفِعَ عَن أبَيكَ العَذابُ الشَّديدُ لِسَخاءِ نَفْسِهِ» (٢).
وفي ذيل هذا الحديث ورد أنّ رسول الله عليهالسلام أمر بقتل جماعة من الجناة القتلة في أحد الغزوات واستثنى منهم واحداً ، فتعجب ذلك الرجل وقال : إن جنايتنا واحدة ، فلما ذا لم تأمر بقتلي؟ فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : إن الله تعالى أوحى إليّ بانك كريم قومك ولا ينبغي أن أقتلك.
فلمّا سمع الرجل هذا الكلام من النبي اسلم وتشهد الشهادتين ، أجل فإنّ سخاء هذا الرجل قاده إلى الجنّة.
ورد عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قوله : «السخيّ محبب في السماوات ، محبب في الأرض ... والبخيل مبغض في السماوات ومبغض في الأرضين» (٣).
حدود السخاء :
إن السخاء كسائر الصفات والأفعال الحسنة لا بدّ له من مقدار بحيث إذا تجاوز الإنسان ذلك المقدار وقع في الإفراط وبالتالي يكون من الرذائل ، فلا ينبغي أن يؤدي السخاء إلى
__________________
١ ـ اصول الكافي ، ج ٤ ، ص ٤١.
٢ ـ بحار الأنوار ، ج ٦٨ ، ص ٣٥٤.
٣ ـ وسائل الشيعة ، ج ١٥ ، ص ٢٥٢.