٩ ـ (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ... فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ)(١).
١٠ ـ (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ)(٢).
تفسير واستنتاج
في «الآيات الاولى» من الآيات محل البحث يستعرض القرآن قصة الخضر عليهالسلام والنبي موسى عليهالسلام ، وطبعاً فإنّ القرآن الكريم لم يذكر اسم الخضر بل عبّر عنه بقوله (عَبْداً مِنْ عِبادِنا) ، هذه القصة مشهورة ومعروفة لدى القارىء الكريم ، وما هو محل نظرنا وبحثنا منها هو أنّ النبي موسى عليهالسلام طلب العلم وذهب إلى حيث ينال العلم بسفرٍ خاصّ وجاء إلى الخضر ليستقي من علومه ومعارفه ما يختلف عن العلوم الّتي اكتسبها عن طريق الوحي ، وهي العلوم المتعلقة بأسرار الطبيعة وحقائق الامور والحياة البشرية الّتي لا بدّ أن يطلع على قسم منها نبيّ من اولي العزم مثل موسى عليهالسلام لتتضح له الصورة جيّداً في عملية التفاعل الإنساني والاجتماعي وليكون على بيّنة من هذه الامور.
وهنا قال الخضر لموسى عليهالسلام بعد طلب موسى عليهالسلام التعلم منه : بانك لا تتحمل ولا تطيق ما تراه من هذه العلوم لأنك لم تدرك حقائق الامور في باطنها ، ولكنَّ النبي موسى عليهالسلام وعده بالصبر والتأني واجتناب العجلة والتسرع ، فشرط عليه الخضر هذا الشرط وانه إذا صحبتني فيجب أن تلتزم السكوت اتجاه أي فعلٍ يصدر مني مهما كان عجيباً ومنافياً للمقررات والاصول السائدة بين الناس ، ولا بدّ أن تعلم أنّ في ذلك حكمة سوف أُطلعك عليها ، فتقول الآيات وهي تحكي هذه الحادثة («فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا ... قالَ فَإِنِ
__________________
١ ـ سورة السجدة ، الآية ٢٨ و ٣٠.
٢ ـ سورة الاحقاف ، الآية ٣٥.