الأنبياء الماضين ، وبالرغم من أنّ التاريخ شاهدٌ على أنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله لم يتحرك من موقع العجلة والتسرع بل كان يسلك في خطّ المثابرة والصبر والاستقامة في كلّ أعماله وأفعاله ، ولكنَّ الآية الشريفة جاءت لتؤكد هذا المعنى على نبيّنا الكريم وتقول (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ)(١).
ونظراً إلى أنّ جميع عمر الدنيا في مقابل الآخرة لا يعد سوى ساعة واحدة من الزمان ، فعليه لا تستعجل في الأمر إلى أن تتم الحجّة عليهم ، ويستفاد من هذا التعبير إلى أنّ جميع الأنبياء والمرسلين كانوا يعيشون الصبر والمثابرة والاستقامة مقابل عناد أقوامهم وجهالتهم ولجاجتهم وكانوا يمهلون أقوامهم حتّى النفس الأخير لغرض اصلاحهم وهدايتهم.
ولم يكن نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله إلّا كأحد هؤلاء الأنبياء اولي العزم ، وما ورد في الآية أعلاه هو في الواقع يعبر عن تأكيد الآية على هذا المعنى أو أنّ مضمون الآية له بعد تعليمي أو تربوي للآخرين ، أو هو إنذارٌ إلى الكافرين بأن لا يهمل هذه الفرصة الثمينة ولا يُسيء الاستفادة من الامهال الإلهي.
وهذه الآية شاهدٌ أكيد على أنّ الصبر والاستقامة وترك العجلة من الفضائل الأخلاقية المتوفرة لدى جميع الأنبياء العظام الّذين كانوا طيلة التاريخ البشري أُسوةً وقدوةً لأقوامهم في التحلّي بهذه الصفة الأخلاقية السامية.
النتيجة :
ويتضح من مجموع الآيات أعلاه أنّ العجلة والتسرع لدى الأقوام والشعوب البشرية المختلفة في نظر الإسلام صفة سلبية ، وتقع في مقابل القيم الأخلاقية الايجابية من الصبر والمثابرة والتأني إلى أن تتوفر مقدمات العمل ، وأنّ الصبر والتأني يعد من أهم الفضائل الأخلاقية والإنسانية ، وهي الفضيلة الّتي كانت متوفرة لدى جميع الأنبياء العظام وقادة البشرية في خطّ الحقّ والإيمان.
__________________
١ ـ سورة الاحقاف ، الآية ٣٥.