سيطرة عدوهم جالوت وتحرروا من أسره ، وبهذا فقد خلفوا للتاريخ البشري درساً آخر عن أهمية الصبر والاستقامة في سلوكهم العملي.
ويستفاد من هذه الآيات الشريفة أنّ التوكل على الله بالإيمان بالآخرة والثواب الإلهي يشكل دعامة قوية للصبر والاستقامة في واقع النفس ، ونقرأ في بعض الروايات أنّ عدد جيش جالوت ٣١٣ نفراً كما كان أصحاب بدر كذلك في العدد ، واللطيف أنّ داود مع صغر سنه ولكنّه كان مسلحاً بقوّة الإيمان ، وكان قد أخذ معه مقلاعاً وعدّة أحجار ورمى بأحدها باتجاه جالوت فأصابته بجبينه وخرَّ جالوت صريعاً بسبب ذلك ، فلمّا رأى جيشه ذلك أسرعوا بالفرار يحدوهم خوف عظيم وتلاشى ذلك الجيش الكبير الّذي يبلغ عدده كما ورد في بعض الروايات «منه ألف نفر» مسلحين بأنواع الأسلحة.
وتستعرض «الآية السادسة» خطاب الله تعالى للنبي الكريم صلىاللهعليهوآله موصيةً له بالاستقامة وأن يقتدي بذلك بسيرة الأنبياء اولي العزم من قبله وتقول : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ...)(١).
ورغم أنّ هذه الآية الشريفة تتحدّث عن الصبر والتأني في مقابل طلب نزول العذاب الإلهي على المخالفين والأعداء إلى أن تتم الحجّة عليهم فلعلّه يوجد من بينهم من له رغبة في سلوك طريق الحقّ ويهتدي بالتالي إلى الإيمان ويكون في زمرة السعداء ، ولكن هذا الأمر الإلهي بمثابة دستور عام ودليل واضح على فضيلة الصبر بعنوان منهج عام لجميع الأنبياء من اولي العزم.
أجل فإنّ جميع الأنبياء العظام وأصحاب الشرائع السماوية عند ما كانوا يواجهون أعدائهم المعاندين والأشخاص الّذين يعيشون الجهل والسفه والعناد كانوا يتسلحون بالصبر والاستقامة أكثر ليتمكوا من هداية الامّة إلى ساحل النجاة بصورة أفضل.
النبي نوح عليهالسلام دعا قومه إلى طاعة الله «٩٥٠ سنة» ليل نهار في الخفاء والاجهار
__________________
١ ـ سورة الاحقاف ، الآية ٣٥.