وعند ما يُؤمر نبي الإسلام بالتواضع وإظهار المحبّة للمؤمنين فإنّ وظيفة المؤمنين وتكليفهم الأخلاقي تجاه بعضهم البعض واضح ، لأن النبي الأكرم يُعتبر قدوة واسوة لجميع أفراد الامّة الإسلامية.
وقد ورد هذا المضمون أيضاً في الآية ٨٨ من سورة الحجر حيث يقول تعالى (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) وهنا نرى أنّ المخاطب في هذه الآية هو النبي الأكرم أيضاً حيث أمره الله تعالى بخفض جناحه للمؤمنين أي بالتواضع المقرون بالمحبّة في تعامله مع اتباعه من المؤمنين.
وشبيه هذه العبارة مع تفاوت بسيط ورد في سورة الإسراء كتكليف للمسلم تجاه والديه حيث تقول الآية (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ).
ومن مجموع ما ورد من الآيات أعلاه نستوحي جيداً أنّ القرآن الكريم لم يكتف بذم التكبّر والاستكبار في مجمل السلوك الأخلاقي للإنسان بل أكد على النقطة المقابلة له أي التواضع والانعطاف واثنى عليه بتعبيرات مختلفة.
التواضع في الروايات الإسلامية :
لقد ورد في المصادر الروائية لدى الشيعة وأهل السنّة أحاديث كثيرة في باب التواضع تبين أهمية هذه الصفة الأخلاقية في حركة الإنسان التكاملية والاجتماعية ، وورد في بعضها علامات المتواضعين ونتائج وثمار التواضع وحدوده وآدابه.
أما عن أهمية التواضع فقد وردت تعبيرات جميلة وجذابة في الروايات الشريفة منها :
١ ـ ورد في الحديث الشريف أنّ رسول الله قال يوماً مخاطباً أصحابه : ما لي لا ارى عليكم حلاوة العبادة؟! قالوا : وما حلاوة العبادة؟ قال : التواضع! (١).
__________________
١ ـ تنبيه الخواطر (مطابق لنقل ميزان الحكمة ، ج ٤ ، ح ٢١٨٢٥) ؛ المحجّة البيضاء ، ج ٦ ، ص ٢٢٢.