عن الإنكسار النفسي الّذي لا يرى معه الإنسان نفسه أعلى من الآخرين ولازمه أن يتحرك الشخص تجاه الآخرين من موقع الاحترام والتعظيم لهم بكلماته وأفعاله) (١).
وفي حديث آخر عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام قال عند ما سُئّل : «مَا حَدُّ التَّوَاضُعِ الّذي إذَا فَعَلَهُ الْعَبْدُ كَانَ مُتَوَاضِعاً؟ فَقَالَ : التَّوَاضُعُ دَرَجَاتٌ مِنْهَا انْ يَعْرِفَ الْمَرْءُ قَدْرَ نَفْسِهِ فَيُنَزِّلُهَا مَنْزِلَتَهَا بِقَلْبٍ سَلِيمٍ لَا يُحِبُّ انْ يَأْتِيَ الَى احَدٍ الّا مِثْلُ مَا يُؤْتَى الَيْهِ ، انْ رَأىَ سَيِّئَةً دَرَاهَا بِالْحَسَنَةِ ، كَاظِمُ الْغَيْظِ ، عَافٍ عَنِ النَّاسِ ، وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» (٢).
وممّا ورد في هذه الرواية الشريفة والمهمة هو في الحقيقة علامات التواضع حيث يمكننا من خلالها التوصل إلى تعريف التواضع.
وفي حديث آخر عن الإمام الباقر عليهالسلام أنّه قال : «التَّوَاضُعُ الرِّضَا بِالْمَجْلِسِ دُونَ شَرَفِهِ وَانْ تُسَلِّمَ عَلَى مَنْ لَقِيتَ وَانْ تَتْرُكَ الْمِرَاءَ وَانْ كُنْتَ مُحِقّاً» (٣).
والحقيقة هي أن تعريف التواضع لا ينفصل عن علامات التواضع لأن من أفضل التعاريف للمفردات اللغوية والأخلاقية هو التعريف المشتمل على علامات ذلك الموضوع المراد تعريفه.
٢ ـ التواضع وكرامة الإنسان
عادة نرى في مثل هذه المباحث الأخلاقية أنّ البعض يسلك فيها مسلك الافراط والبعض الآخر مسلك التفريط ، مثلاً يتصور البعض أنّ حقيقة التواضع هي أنّ الإنسان يستذل نفسه أمام الناس ولا يرى لنفسه مقداراً وشأناً من الشؤون ، وقد يقوم بأعمال واهنة يسقط بسببها من أنظار الناس فيساء الظن به كما ذكر في حالات الصوفية هذا المعنى أيضاً وأنّهم عند ما يشتهرون في منطقة بالصلاح والفضل فإنّهم يرتكبون أعمال قبيحة ومنافية
__________________
١ ـ معراج السعادة ، ص ٣٠٠.
٢ ـ اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ١٢٤.
٣ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٥ ، ص ١٧٦.