المعروف أنّه قال «لَا تُدْخِلَنَّ فِي مَشْوَرَتِكَ حَرِيصاً يُزَيِّنُ لَكَ الشَّرَهَ بِالْجَوْرِ» (١).
وعلى هذا الأساس فإنّ عواقب الحرص ونتائجه وخيمة جداً في حياة الإنسان حيث يورثه البعد عن الله تعالى ويهدم مروئته ويكسر شخصيته ويسلب منه الراحة والطمأنينة وبالتالي يُفضي به الحرص إلى الوقوع في وحل الذنوب الكبيرة الاخرى فيبتعد يوماً بعد آخر عن السعادة والكمال المعنوي ويغدو أسيراً وذليلاً في قيود النفس الأمارة وأحابيل الشيطان ، وبكلمة واحدة انه يفقد دينه ودنياه.
١ ـ تعريف الحرص
بالرغم من أنّ معنى ومفهوم (الحرص) واضح للجميع إجمالاً ، ولكن الدقة والتوجه إلى مضمونه العميق يكشف لنا نقاط جديدة في دائرة هذا المفهوم.
يقول الراغب في مفرداته في تعريف الحرص بأنه بمعنى شدّة الرغبة والميل إلى شيء معيّن ، ويرى أنّ هذه الكلمة في الأصل تأتي بمعنى الضغط على اللباس عند غسله بالماء بواسطة ضربه بالخشبة وأمثال ذلك.
وقد ورد عن أمير المؤمنين تعبير جميل جداً في تعريف الحرص عند ما سُئل : ما هو الحرص؟ فقال «هُوَ طَلَبُ الْقَلِيلِ بِاضَاعَةِ الْكَثِيرِ) (٢) ويرى علماء الأخلاق أنّ الحرص من الرذائل الأخلاقية المتعلّقة بقوّة الشهوة وذكروا في تعريفه (أنّ الحرص صفة من الصفات النفسانية تدفع الإنسان إلى جمع ما هو أكثر من حاجته ، وهو من شُعب حبّ الدنيا ومن الصفات المهلكة والأخلاق الفاسدة) ويمثلون للحرص بأنه كالصحراء المترامية الأطراف وكالأرض الموحشة الّتي لا حدود لها فكلّما سار فيها الحريص لا يصل إلى غايتها ومنتهاها.
(الحريص) يُقال لشخص مبتلياً بمرض ، مثل مرض الاستسقاء حيث كلّما شرب من الماء
__________________
١ ـ نهج البلاغة ، الرسالة ٥٣.
٢ ـ سفينة البحار ، مادّة حرص.