فإنّ عطشه لا ينطفأ.
إنّ الشخص الحريص لا يقبل أي دليلٍ منطقي على سلوكياته ، فلو قيل له مثلاً إنك بلغت من العمر ثمانين سنة ولم يبق من عمرك إلّا القليل ، فلما ذا هذا الولع والشوق لجمع الأموال والثروات؟ وبالرغم من انه يفتقد الجواب الصحيح لهذا السؤال ولكنه يستمر في سلوكه الطفولي ولا ينتهي منه ، بل على العكس من ذلك حيث نرى أنّ بعض الناس يزداد حرصاً وطمعاً كلّما ازداد سناً وأوغل في مرحلة الشيخوخة ، كما ورد في الحديث المعروف عن النبي الأكرم أنّه قال : «يُشِيبُ بْنُ آدَمَ وَيَشُبُّ فِيهِ خَصْلَتَانِ : الْحِرْصُ وَطُولُ الْامَلِ» (١).
٢ ـ النتائج السلبية للحرص في حياة الإنسان الفردية والاجتماعية
رأينا في الآيات والروايات الشريفة المذكورة سابقاً مدى النتائج السلبية والعواقب الوخيمة لحالة الحرص في واقع الإنسان ، ولذلك فإنّ مطالعتها تغنينا عن أي شرح وتفسير آخر في هذا المجال ومن ذلك :
١ ـ إنّ الحريص مُبتلى في التعب المستمر والعسر والحرج في حركة الحياة.
٢ ـ إنّ الحريص لا يشبع أبداً ، ولهذا فإنه لو ملك الدنيا بأجمعها فإنه يعيش عيشة الفقراء أيضاً.
٣ ـ إنّ الحريص يعيش عيّش الفقراء ويموت موت الفقراء ولكنه يحاسب في الآخرة حساب الأغنياء.
٤ ـ إنّ الحرص يفضي بالإنسان إلى الهلكة لأن الإنسان الحريص وبسبب عشقه للدنيا ولزخارفها فانه لا يرى آفاق الخطر المحيطة بها بل يسارع إليها بكلّ عجلة وهلع.
٥ ـ إنّ الإنسان الحريص يكبل نفسه بقيود الماديات وأحابيلها ويزداد قربه من هذه القيود يوماً بعد آخر حتّى يوصد أمامه سبيل النجاة.
٦ ـ إنّ الحرص يذهب بشرف الإنسان وماء وجهه ويسقط حرمته ومروءته في أنظار الناس ، لأن الحريص ولغرض الحصول على مقصوده لا يلتزم بالاعراف الاجتماعية ولا
__________________
١ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٠ ، ص ٢٢.