وساوسه : ما ذا ينقصك حتى يكون فلاناً أغنى منك؟ لماذا لا تسعى لكي تصل الى ما هم فيه؟ أُنظر الى هؤلاء وقد غرقوا بالخير والنعمة وتمتعوا بلذائذ الدنيا؟! وأنت تفكر فقط في الخوف من الله ، وقد ضيقت على نفسك بالتزامك المستمر بالحلال والحرام ، هل أنت اكثر تدنياً من هؤلاء ام أنت أخوف منهم من الله؟!
قال أبو ذر : «أوصاني خليلي أن أنظر إلى من هو دوني لا إلى من هو فوقي ـ أي في الدنيا ـ».
٦ ـ إجابة عن شبهة
وهنا يمكن أن يتصور البعض أنّ الإسلام ومن خلال هذه الآيات والروايات المذكورة في هذا الباب لا يتلائم مع تطور الحياة المادية والدنيوية للناس أو أنّه ينظر إلى اصول التمدن المادي والتطور العلمي على مستوى الطبيعة بنظرة سلبية ، من خلال دعوته لاتباعه إلى التجرد عن الدنيا وعدم التعلّق بها ، في حين أنّ هذا التصور اشتباه كبير ، فالإسلام يتصدّى لمحاربة الحالات الأخلاقية السلبية في واقع الإنسان الّتي تنطلق من الحرص وحب الدنيا والتضحية بالقيم الأخلاقية والإنسانية من أجل الرفاهية الدنيوية واشباع الملذات الرخيصة ، لا أنّه يقف أمام استخدام الطاقات الفكرية والمواهب الطبيعية في عملية التطور العلمي في خط الكرامة الإنسانية وتوكيد حرية الإنسان من النوازع والأهواء النفسانية وتقوية القيم المعنوية.
وتوضيح ذلك : أنّ المواهب المادية في حد ذاتها هي أدوات ووسائل للوصول إلى المقاصد الاخرى وتحقيق طموحات الإنسان في حركة الحياة وليستفيد منها في الصعود في مدارج الكمال المعنوي والإنساني ، فلو انه استخدمها في غير هذا الغرض وتحرّك معها من موقع الأهواء والشهوات الرخيصة فسوف يبتعد بذلك عن الهدف من الخلقة ويسقط في مهاوي الرذيلة والانحطاط والتسافل الأخلاقي ، وهذه الامور تتقاطع مع التعاليم الإسلامية. ومثلها كمثل الأدوات الصناعية والمنتوجات المادية الّتي يمكن الاستفادة منها بوجهين ، فالطائرة يمكن الاستفادة منها للتنقل السريع وتسهيل وصول الإنسان إلى مقصده والتوسع