______________________________________________________
مطلقاً غير مشروط بالوجدان ، فيكون ملاكه كذلك. ويقتضيه الإجماع المحكي على حرمة إراقة الماء بعد الوقت. وأما استفادة كونه مشروطاً بالوجدان من جهة الجمع العرفي بينها وبين آية التيمم ـ حسب ما ذكر ـ فغير ظاهر في مثل هذا القيد ، كما يظهر من ملاحظة نظائره. فإنه إذا قيل : إذا جاءك زيد فقدم له تمراً ، فان لم تجد فماء بارداً. لا يفهم منه أن ملاك حسن تقديم التمر مشروط بوجدانه. وبالجملة : القيود الاضطرارية ليست كغيرها من القيود. مثلا إذا قيل : تجب الصلاة تماماً على الناس ، وإذا سافروا قصّروا. يقيد الكلام الأول بالثاني ، ونتيجة الجمع بالتقييد أنه تجب الصلاة تماماً على غير المسافرين ، وتجب قصراً على المسافرين ، فيكون ملاك وجوب التمام مشروطاً بعدم السفر ، كما أن ملاك القصر مشروط بالسفر ، فيكون كلٌّ من التمام والقصر واجباً في غير مورد الآخر ، ويكون في عرضه. وهذا بخلاف القيود الاضطرارية ، فإذا قيل : تجب الصلاة قياماً ، وفي حال الاضطرار تجب جلوساً. لا يفهم أن ملاك القيام مشروط بالاختيار ، بل يفهم أن ملاكه مطلق غير مشروط بالاختيار ، وأن تشريع الجلوس من جهة الضرورة ، لا لقصور ملاك القيام. وملاحظة النظائر من الابدال الاضطرارية تستوجب وضوح ما ذكرنا.
ويزيده وضوحاً بناء الأصحاب ( قدهم ) على بدلية الابدال الاضطرارية إذ لا معنى لبدلية الجلوس عن القيام في الصلاة ، إذا كان ملاك القيام مشروطاً بالاختيار ، ولذا لم يكن بناؤهم على بدلية القصر عن التمام ، كما كان بناؤهم على بدلية التيمم عن الوضوء أو الغسل ، حتى أن المكلف ينوي البدلية عند فعل التيمم ، ولا ينوي البدلية عند فعل القصر ، كما لا ينوي بدلية التمام عن القصر. وبالجملة : لا ريب في صحة نية البدلية