______________________________________________________
والسياق مساق المكروه لا يصلح قرينة على الكراهة مع كون القرينة على الكراهة خارجية ، كما في المقام. نعم سياقها مساق الأدب ربما يمنع من ظهورها في الوجوب ، ولا سيما مع الإشارة إليه في خبر محمد بن إسماعيل الآتي ، وفيما عن علل محمد بن علي بن إبراهيم (١). فيكون العمدة في إثبات الحرمة الإجماع لو تمَّ. اللهم إلا أن يقال : إن المنع عن الاستدبار لا يناسب كون الحكم أدبياً ، لأن الاستدبار لا ينافي الأدب.
وقد يحسن بهذه المناسبة أن نثبت ما ذكره الوالد العلامة المقدس طاب ثراه في كتابه : ( معارف الأحكام في شرح شرائع الإسلام ) في هذا المقام ـ قياماً ببعض حقوقه وموعظة للمتقين ـ قال قدسسره تحت عنوان ( إيقاظ ) : « وإذ قد عرفت أن الشارع المقدس أمرك بالانحراف عن القبلة وتجنبها في الحالتين ، تعظيما لها وإجلالا لقدرها ، لنسبتها إليه سبحانه فاذا لم يرض جل جلاله بمواجهة بيته الحسي المركب من الأحجار والأخشاب بالنجاسات ، مع ما بينها وبينه من المسافات ، فكيف يرضى أن يكون بيته المعنوي ، ومحل معرفته ، وفيوضاته ، وينبوع حكمته ، وموضع محبته ملطخاً بأدناس المعاصي وأرجاس الكبائر؟! كما قال جل جلاله : « لم تسعني سمائي ولا أرضي ولا عرشي ولا كرسيي ، ولكن يسعني قلب عبدي المؤمن » فجعل سبحانه قلب المؤمن أجل وأوسع من العرش والكرسي. فينبغي لمن أراد الوقوف بين يدي الملك الجليل ـ جل جلاله ـ أن يطهِّر بيته الشريف بماء التوبة ، ويظهر الحياء منه ، حيث تركه قذراً نجساً ، ولم يهيئه لحضوره وإقباله ـ جل جلاله ـ عليه ».
__________________
(١) مستدرك الوسائل باب : ٢ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٢.