بل يكفي وجود الداعي في القلب [١] ، بحيث لو سئل عن شغله يقول : أتوضأ ، مثلا. وأما لو كان غافلا بحيث لو سئل بقي متحيراً فلا يكفي [٢] وإن كان مسبوقاً بالعزم والقصد حين المقدمات. ويجب استمرار النية إلى آخر العمل ، فلو نوى الخلاف أو تردد وأتى ببعض الافعال بطل [٣]. إلا أن يعود إلى النية الأولى قبل فوات الموالاة [٤].
______________________________________________________
حصلت الإرادة الارتكازية وبقيت إلى آخره ، مع أن من المعلوم أن عنوان العبادة كما يكون لأول الفعل يكون لآخره ، فاذا كان يكفي في عبادية الأخير الإرادة الارتكازية التي ذكرناها فلِمَ لا تكفي لأوله؟. ومن ذلك يظهر أن المراد من إخطار النية في عبارة المتن إخطار المنوي تفصيلا ، فالعبارة لا تخلو من مسامحة.
[١] يعني : تلك الإرادة الارتكازية ، الباقية ببقاء الداعي الارتكازي التي كان حدوثها ناشئاً عن خطور الداعي.
[٢] لأن ذلك كاشف عن انتفاء الإرادة المذكورة ، ولو كانت موجودة امتنع الجهل بها ، لأنها من الأمور الوجدانية التي يُعلم بها بمجرد الالتفات إليها. نعم لو كان التحير ناشئاً عن قسر النفس عن الالتفات إلى ما فيها لبعض العوارض ـ كما قد يتفق ـ لم يكن ذلك قادحاً في صحة الوضوء إذا أحرز الفاعل بعد تحقق الالتفات منه كون فعله لأجل الداعي الصحيح.
[٣] لفقد النية.
[٤] يعني : فيصح الفعل حينئذ ، إذ لا يعتبر في صحة العبادة استمرار نيتها ، وإنما يعتبر صدور كل جزء منها عن الإرادة المعتبرة فيها ولو بأن تعود بعد الزوال.