______________________________________________________
بينه وبين دليل وجوب الناقص عند العجز عن التام ليس التقييد ، لتكون نتيجته كون الرافع في حال الاختيار هو التام ، وفي حال الاضطرار هو الناقص ، فيكون الاختيار والاضطرار كالسفر والحضر وغيرهما من الخصوصيات التي يختلف الحكم باختلافها ، بل الذي يقتضيه الجمع العرفي هو بدلية الناقص في ظرف سقوط التام من جهة العجز ، فيكون ملاك التام ثابتاً في حال العجز ثبوته في حال الاختيار ، غاية الأمر أنه يعذر المكلف في تركه للعجز ومقتضى ذلك عدم رافعية الناقص ، وإلا لم يتعين التام للرافعية ، مع أنه خلاف إطلاق الأدلة الأولية. وعليه فلا بد إما من الالتزام بكون الناقص مبيحاً محضاً ، أو بأن له رافعية ناقصة. وإن كان الأظهر الثاني ، فإن الجمع العرفي بين الأدلة يقضي بأن الأبدال الاضطرارية قائمة مقام التام المبدل منه في ترتب الأثر بنحو غير تام ، فأثرها من سنخ أثر المبدل منه ، لكنه من بعض مراتبه. ولا فرق بين أن يكون البدل من سنخ المبدل ، كالوضوء الناقص ، والصلاة جالساً ، أو من غير سنخه ، كالتيمم ، وعدم الرفع فيه ـ إن تمَّ ـ فهو للدليل الخاص. مع أنه غير تام ، كما يأتي إن شاء الله في محله.
وما ذكرنا مطرد في جميع الأبدال الثابتة في حال العذر عن الواقع الأولى ، فإنها يترتب عليها أثر المبدل منه ـ في الجملة ـ ولا يترتب عليها تمام الأثر ، وإلا كانت في عرض المبدل منه ، وهو خلاف إطلاق أدلته الذي عرفت أن مقتضى الجمع بينه وبين دليل مشروعية الناقص مجرد البدلية بلا تقييد للإطلاق المذكور. وقد أشرنا إلى ذلك في حكم الوضوء من الإناء المغصوب. ومنه يظهر أنه لا يجوز للمكلف إيقاع نفسه في العذر ، لأنه تفويت للواقع الأولى ، إلا أن يقوم دليل على جوازه. فتأمل جيداً.