يوضع ليضل موضع ليضل ، من قبل أن من أضل كان ضالا لا محالة ، فدل بالرديف على المردوف .. (١).
وقوله : (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) بيان لسوء عاقبة من يؤثر الضلالة على الهداية.
أى : أولئك الذين يشترون لهو الحديث ، ليصرفوا الناس عن دين الله ـ تعالى ـ ، وليستهزئوا بآياته ، لهم عذاب يهينهم ويذلهم ، ويجعلهم محل الاحتقار والهوان.
ثم فصل ـ سبحانه ـ حال هذا الفريق الشقي فقال : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ) أى : على النضر وأمثاله (آياتُنا) الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا ، وعلى صدق نبينا صلىاللهعليهوسلم.
(وَلَّى مُسْتَكْبِراً) أى : أعرض عنها بغرور واستعلاء. (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها) أى : كأن حاله في استكباره عن سماع الآيات ، كحال الذي لم يسمعها إطلاقا.
(كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً) أى : كأن في أذنيه صمما وثقلا ومرضا يحول بينه وبين السماع.
والجملتان الكريمتان حال من قوله (مُسْتَكْبِراً) والمقصود بهما توبيخ هذا الشقي وأمثاله ، وذمهم ذما موجعا لإعراضهم عن الحق.
وقوله ـ تعالى ـ : (فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) تهكم به ، واستخفاف بتصرفاته.
أى : فبشر هذا الشقي الذي اشترى لهو الحديث ، وأعرض عن آياتنا بالعذاب الأليم ، الذي يناسب غروره واستكباره.
ثم أكدت السورة الجزاء الحسن الذي أعده الله ـ تعالى ـ للمؤمنين ، وذكرت جانبا من مظاهر قدرته ـ سبحانه ـ ، ورحمته بعباده ، فقال ـ تعالى ـ :
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (٨) خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩) خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٣ ص ٤٩١.