في الدين بعد العلم بدليل ما أنه محق ، فاتباع في الحقيقة لما أنزل الله ـ تعالى ـ وليس من التقليد المذموم في شيء ، وقد قال ـ سبحانه ـ : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (١).
ثم فصل سبحانه بعد ذلك حسن عاقبة الأخيار ، وسوء عاقبة الأشرار الذين لا يحسنون التدبر في أنفسهم ، أو فيما حولهم ، فقال تعالى ـ :
(وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٢٢) وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٣) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ (٢٤) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٥) لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)(٢٦)
وقوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) أى : ومن يتجه إلى الله ـ تعالى ـ ويذعن لأمره ، ويخلص له العبادة ، وهو محسن في أقواله وأفعاله.
من يفعل ذلك (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) والعروة في أصل معناها : تطلق على ما يتعلق بالشيء من عراه ، أى من الجهة التي يجب تعليقه منها. وتجمع على عرا.
والعروة من الدلو مقبضه ، ومن الثوب : مدخل زره.
والوثقى : تأنيث الأوثق ، وهو الشيء المحكم الموثق. يقال : وثق ـ بالضم ـ وثاقه ، أى : قوى وثبت فهو وثيق ، أى : ثابت محكم.
والمعنى : ومن يستسلم لأمر الله ـ تعالى ـ ويأتى بالأقوال والأفعال على وجه حسن ، فقد
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢١ ص ٤١.