مقدّمة
١ ـ سورة الأحزاب هي السورة الثالثة والثلاثون في ترتيب المصحف وهي من السور المدنية ، وكان نزولها بعد سورة آل عمران ، أى : أنها من أوائل السور المدنية ، إذ لم يسبقها في النزول بعد الهجرة سوى سور : البقرة والأنفال وآل عمران.
ويبدو : أن نزولها كان في الفترة التي أعقبت غزوة بدر ، إلى ما قبل صلح الحديبية. وعدد آياتها ثلاث وسبعون آية.
٢ ـ وقد افتتحت سورة الأحزاب بنداء من الله ـ تعالى ـ لنبيه صلىاللهعليهوسلم ، نهته فيه عن طاعة المنافقين والكافرين ، وأمرته بالمداومة على طاعة الله ـ تعالى ـ وحده ، وباتباع أمره ، وبالتوكل عليه ـ سبحانه ـ.
قال ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً. وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً* وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً).
٣ ـ ثم انتقلت السورة الكريمة إلى بيان حكم الله ـ تعالى ـ في بعض التقاليد والأوضاع الاجتماعية التي كانت سائدة في المجتمع في ذلك الوقت ، فأبطلت التبني ، كما أبطلت ما كان سائدا في المجتمع من عادة الظهار ، وهو أن يقول الرجل لزوجته : أنت على كظهر أمى ، فتصير محرمة عليه حرمة مؤبدة.
قال ـ تعالى ـ : (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ، وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ ، وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ، ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ ، وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ ، وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ. ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ).
٤ ـ ثم بين ـ سبحانه ـ بعد ذلك بعض الأحكام التشريعية الأخرى ، كوجوب طاعة الرسول صلىاللهعليهوسلم طاعة تفوق طاعتهم لأنفسهم ، ولوجوب تعظيم المسلمين لزوجاته صلىاللهعليهوسلم كتعظيم أمهاتهم ، وكوجوب التوارث بين الأقارب بالطريقة التي بينها ـ