اللوح المحفوظ ، وفي آيات القرآن التي سبق نزولها ، فاعملوا بما شرعناه لكم ، واتركوا ما نهيناكم عنه.
قال الشوكانى ما ملخصه : قوله : (إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً) هذا الاستثناء إما متصل من أعم العام ، والتقدير : وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كل شيء من الإرث وغيره ، إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا ، من صدقة أو وصية ، فإن ذلك جائز.
وإما منقطع. والمعنى : لكن فعل المعروف للأولياء لا بأس به.
والإشارة بقوله : (كانَ ذلِكَ) تعود إلى ما تقدم ذكره. أى : كان نسخ الميراث بالهجرة والمحالفة والمعاقدة ، ورده إلى ذوى الأرحام من القرابات (فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) أى : في اللوح المحفوظ ، أو في القرآن مكتوبا (١).
وبذلك نرى الآية الكريمة قد وضحت ما يجب على المؤمنين نحو نبيهم ، وما يجب عليهم نحو أزواجه ، وما يجب عليهم نحو أقاربهم فيما يتعلق بالتوارث.
ثم ذكر الله ـ تعالى ـ رسوله صلىاللهعليهوسلم بالعهد الذي أخذه عليه وعلى الأنبياء من قبله ، فقال ـ تعالى ـ :
(وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (٧) لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً)(٨)
والميثاق : العهد الموثق المؤكد ، مأخوذ من لفظ وثق ، المتضمن معنى الشد والربط على الشيء بقوة وإحكام.
أى : واذكر ـ أيها الرسول الكريم ـ وقت أن أخذنا من جميع النبيين العهد الوثيق ، على أن يبلغوا ما أوحيناه إليهم من هدايات للناس ، وعلى أن يأمروهم بإخلاص العبادة لنا ، وعلى أن يصدق بعضهم بعضا في أصول الشرائع ومكارم الأخلاق .. كما أخذنا هذا العهد الوثيق منك ، ومن أنبيائنا نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم.
__________________
(١) تفسير فتح القدير ج ٦ ص ٢٦٢.