وبعد هذا الحديث عن انواع الناس ، وعن اقوال المشركين الفاسدة ، وعن سوء عاقبتهم ، ساق ـ سبحانه ـ جانبا من قصة نوح وإبراهيم ـ عليهماالسلام ـ فقال ـ تعالى ـ :
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ (١٤) فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ (١٥) وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٦) إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(١٧)
قال الآلوسى : قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ). شروع في بيان افتتان الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ بأذية أممهم ، إثر بيان افتتان المؤمنين بأذية الكفار تأكيدا للإنكار على الذين يحسبون أن يتركوا بمجرد الإيمان بلا ابتلاء ، وحثا لهم على الصبر ، فإن الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ حيث ابتلوا بما أصابهم من جهة أممهم من فنون المكاره وصبروا عليها ، فلأن يصبر هؤلاء المؤمنون أولى وأحرى ...» (١).
و «نوح» ـ عليهالسلام ـ ينتهى نسبه إلى شيث بن آدم ، وقد ذكر نوح في القرآن في ثلاث وأربعين موضعا ، وجاءت قصته مع قومه بصورة فيها شيء من التفصيل ، في سور : هود والأعراف ، والمؤمنون ، ونوح.
وقوم الرجل : أقر باؤه الذين يجتمعون معه في جد واحد. وقد يقيم الرجل بين الأجانب فيسميهم قومه مجازا للمجاورة.
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢٠ ص ١٤٢.