والمراد به هنا : طلاق الرجل للمرأة ، وتركها لعصمته.
أى : قل ـ أيها الرسول الكريم ـ لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها ، ولا تستطعن الصبر على المعيشة معى ، فلكن أن تخترن مفارقتي ، وإنى على استعداد أن أعطيكن المتعة التي ترضينها ، وأن أطلقكن طلاقا لا ضرر فيه ، ولا ظلم معه ، لأنى سأعطيكن ما هو فوق حقكن.
(وَإِنْ كُنْتُنَ) لا تردن ذلك ، وإنما (تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ).
أى : وإنما تردن ثواب الله ـ تعالى ـ والبقاء مع رسوله صلىاللهعليهوسلم ، وإيثار شظف الحياة على زينتها ، وإيثار ثواب الدار الآخرة على متع الحياة الدنيا.
إن كنتن تردن ذلك فاعلمن أن (اللهَ) ـ تعالى ـ (أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَ) ، بسبب إيمانهن وإحسانهن (أَجْراً عَظِيماً) لا يعلم مقداره إلا الله ـ تعالى ـ.
وبهذا التأديب الحكيم ، والإرشاد القويم ، أمر الله ـ تعالى ـ رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يؤدب نساءه ، وأن يرشدهن إلى ما فيه سعادتهن ، وأن يترك لهن حرية الاختيار.
ثم وجه ـ سبحانه ـ الخطاب إلى أمهات المؤمنين ، فأدبهن أكمل تأديب وأمرهن بالتزام الفضائل ، وباجتناب الرذائل ، لأنهن القدوة لغيرهن من النساء ، ولأنهن في بيوتهن ينزل الوحى على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال ـ تعالى ـ :
(يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (٣٠) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً (٣١) يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٣٢) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ