وباعتبار لفظ الأهل تخاطب مخاطبة الجمع المذكر ، ومنه قوله ـ تعالى ـ في موسى (فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا) وقوله (سَآتِيكُمْ) والمخاطب امرأته كما قاله غير واحد ..
وقال بعض أهل العلم : إن أهل البيت في الآية هم من تحرم عليهم الصدقة (١).
ثم ختم ـ سبحانه ـ هذه التوجيهات الحكيمة بقوله ـ عزوجل ـ : (وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ) ...
أى : واذكرن في أنفسكن ذكرا متصلا ، وذكّرن غيركن على سبيل الإرشاد ، بما يتلى في بيوتكن من آيات الله البينات الجامعة بين كونها معجزات دالة على صدق النبي صلىاللهعليهوسلم ، وبين كونها مشتملة على فنون الحكم والآداب والمواعظ ..
ويصح أن يكون المراد بالآيات : القرآن الكريم ، وبالحكمة : أقوال النبي صلىاللهعليهوسلم وأفعاله وتقريراته ..
وفي الآية الكريمة إشارة إلى أنهن ـ وقد خصهن الله ـ تعالى ـ بجعل بيوتهن موطنا لنزول القرآن ، ولنزول الحكمة ـ أحق بهذا التذكير ، وبالعمل الصالح من غيرهن.
(إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً) أى : لا يخفى عليه شيء من أحوالكم ، وقد أنزل عليكم ما فيه صلاح أموركم في الدنيا والآخرة.
وبعد هذه التوجيهات الحكيمة لأمهات المؤمنين ، ساق ـ سبحانه ـ توجيها جامعا لأمهات الفضائل ، وبشر المتصفين بهذه الفضائل بالمغفرة والأجر العظيم فقال ـ تعالى ـ :
(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)(٣٥)
__________________
(١) أضواء البيان ج ٦ ص ٥٧٧ للشيخ محمد الأمين الشنقيطى ـ رحمهالله ـ.