(وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) في كل أمورك (وَكَفى بِاللهِ) ـ تعالى ـ (وَكِيلاً) توكل إليه الأمور ، وترد إليه الشئون ..
هذا ، ومن الأحاديث النبوية التي اشتملت على بعض المعاني التي اشتملت عليها هذه الآيات ، ما رواه الإمام البخاري والإمام أحمد عن عطاء بن يسار قال : لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت له : أخبرنى عن صفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم في التوراة؟ قال : والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) وحرزا للمؤمنين ، أنت عبدى ورسولي ، سميتك المتوكل ، لست بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ، ولا يدفع السيئة بالسيئة ، ولكن يعفو ويصفح ، ولن يقبضه الله ـ تعالى ـ حتى يقيم به الملة العوجاء ، ويفتح به أعينا عميا ، وآذانا صما ، وقلوبا غلفا (١).
ثم عادت السورة الكريمة ـ بعد هذا الحديث الجامع عن وظيفة الرسول صلىاللهعليهوسلم وعن فضله ـ إلى الحديث عن جانب من أحكام الزواج والطلاق ، فقال ـ تعالى ـ :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً)(٤٩)
والمراد بالنكاح هنا في قوله (إِذا نَكَحْتُمُ) العقد ، لأن الحديث في حكم المرأة التي تم طلاقها قبل الدخول بها.
وهذا الحكم شامل للمؤمنات ولغيرهن كالكتابيات ، إلا أن الآية الكريمة خصت المؤمنات بالذكر ، للتنبيه على أن من شأن المؤمن أن لا ينكح إلا مؤمنة تخيرا للنطفة.
والعدة : هي الشيء المعدود. وعدة المرأة معناها : المدة التي بانقضائها يحل لها الزواج من شخص آخر ، غير الذي كان زوجا لها.
والمعنى : يا من آمنتم بالله ـ تعالى ـ حق الإيمان ، (إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ) أى : إذا عقدتم عليهن عقد النكاح ، ولم يبق بينكم وبينهن سوى الدخول بهن.
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢٢ ص ٤٧.