(وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (٥١) وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٢) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٣) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ)(٥٤)
وجواب (لَوْ) محذوف. وكذلك مفعول (تَرى). والفزع : حالة من الخوف والرعب تعترى الإنسان عند ما يشعر بما يزعجه ويخيفه. والفوت : النجاة والمهرب.
وهذا الفزع للكافرين يكون عند خروجهم من قبورهم للبعث والحساب ، أو عند قبض أرواحهم.
أى : ولو ترى ـ أيها العاقل ـ حال الكافرين ، وقت خروجهم من قبورهم للحساب ، وقد اعتراهم الفزع والهلع .. لرأيت شيئا هائلا ، وأمرا عظيما ...
وقوله (فَلا فَوْتَ) أى : فلا مهرب لهم ولا نجاة يومئذ من الوقوف بين يدي الله ـ تعالى ـ للحساب ، ولمعاقبتهم على كفرهم وجحودهم ...
وقوله : (وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) معطوف على (فَزِعُوا) أى : فزعوا دون أن ينفعهم هذا الفزع ، وأخذوا ليلقوا مصيرهم السيئ من مكان قريب من موقف الحساب.
قال الآلوسى : والمراد بذكر قرب المكان ، سرعة نزول العذاب بهم والاستهانة بهم وبهلاكهم ، وإلا فلا قرب ولا بعد بالنسبة إلى الله ـ عزوجل ـ ...» (١).
(وَقالُوا آمَنَّا بِهِ) أى : وقال هؤلاء الكافرون عند ما رأوا العذاب المعد لهم في الآخرة : آمنا بالله ـ تعالى ـ وبأنه هو الواحد الأحد الفرد الصمد ، الذي لا معبود بحق سواه ، وآمنا بهذا الدين الذي جاءنا به رسوله محمد صلىاللهعليهوسلم.
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) بيان لعدم انتفاعهم بما قالوه من إظهار الإيمان في هذا الوقت.
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢٢ ص ١٥٧.