ثم ختم ـ سبحانه ـ الآية الكريمة بما يزيد في تسلية الرسول صلىاللهعليهوسلم فقال ـ تعالى ـ : (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ).
أى : إن الله ـ تعالى ـ لا يخفى عليه شيء مما يفعله هؤلاء الجاهلون من أفعال قبيحة ، وسيجازيهم يوم القيامة بما يستحقونه من عقاب.
وشبيه بهذه الآية قوله ـ تعالى ـ : (لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (١).
وقوله ـ سبحانه ـ : (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) (٢).
وبعد هذه التسلية من الله ـ تعالى ـ لرسوله صلىاللهعليهوسلم وبعد هذا التحذير من وسوسة الشيطان ومن خداعه ، وبعد هذا البيان لسوء عاقبة الكافرين ، وحسن عاقبة المؤمنين ، بعد كل ذلك .. ساقت السورة الكريمة ألوانا من نعم الله ـ تعالى ـ على عباده ، ومن رحمته بهم ، نرى ذلك في الرياح وفي السحب ، وفي البحار والأنهار ، وفي الليل نهار ، وفي الشمس القمر .. وفي غير ذلك من النعم الظاهرة والباطنة في هذا الكون.
قال ـ تعالى ـ :
(وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ (٩) مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ (١٠) وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ
__________________
(١) سورة الشعراء الآية ٣.
(٢) سورة الكهف الآية ٦.