أى : هذا الكتاب ليس أساطير الأولين اكتتبها الرسول صلىاللهعليهوسلم كما زعم المبطلون ـ ، بل هو آيات بينات واضحات راسخات ، في صدور المؤمنين به ، الذين حفظوه وتدبروه وعملوا بتوجيهاته وإرشاداته ، وعملوا بما فيه من حكم وأحكام وعقائد وآداب.
ووصف الله ـ تعالى ـ المؤمنين بهذا القرآن بالعلم على سبيل المدح لهم ، والإعلاء من شأنهم ، حيث استطاعوا عن طريق ما وهبهم ـ سبحانه ـ من علم نافع ، أن يوقنوا بأن هذا من عند الله ، ولو كان من عند غير الله ، لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ) تذييل المقصود به ذم الذين تجاوزوا كل حق وصدق في أحكامهم وتصرفاتهم.
أى : وما يجحد آياتنا مع وضوحها وسطوعها ، وينكر كونها من عند الله ـ تعالى ـ ، إلا الظالمون المتجاوزون لكل ما هو حق ، ولكل ما هو صدق.
ثم قصت علينا السورة الكريمة بعد ذلك طرفا من أقوال المشركين الفاسدة وأمرت الرسول صلىاللهعليهوسلم أن يرد عليهم بما يزهق باطلهم ، كما قصت علينا لونا من ألوان جهالاتهم ، حيث استعجلوا العذاب الذي لا يستعجله عاقل. فقال ـ تعالى ـ :
(وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١) قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٥٢) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٥٣) يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ