بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة وتمهيد
١ ـ سورة العنكبوت هي السورة التاسعة والعشرون في ترتيب المصحف ، وكان نزولها بعد سورة الروم ، أى : أنها من أواخر السور المكية في النزول ، إذ أن ترتيبها في النزول الثالثة والثمانون من بين السور المكية ، ولم ينزل بعدها قبل الهجرة سوى سورة المطففين (١) وعدد آياتها تسع وستون آية.
٢ ـ وجمهور العلماء على أنها مكية ، ومنهم من يرى أن فيها آيات مدنية.
قال الآلوسى : عن ابن عباس أنها مكية وذهب إلى ذلك ـ أيضا ـ الحسن وجابر وعكرمة. وعن بعضهم أنها آخر ما نزل بمكة ... وقال يحيى بن سلام : هي مكية ، إلا من أولها إلى قوله ـ تعالى ـ : (وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ.) .. (٢).
والذي تطمئن إليه النفس أن سورة العنكبوت كلها مكية ، وليس هناك روايات يعتمد عليها في كون بعض آياتها مدنية.
٣ ـ وقد افتتحت سورة العنكبوت ببعض الحروف المقطعة (الم) ، ثم تحدثت عن تكاليف الإيمان ، وأنه يستلزم الامتحان والاختبار ، ليميز الله الخبيث من الطيب ، وعن الحسنة التي أعدها ـ سبحانه ـ لعباده المؤمنين الصادقين. قال ـ تعالى ـ : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ).
٤ ـ ثم حكت جانبا من أقوال المشركين ، ومن دعاواهم الكاذبة ، وردت عليهم بما يبطل أقوالهم ، وبما يزيد المؤمنين إيمانا على إيمانهم ...
قال ـ تعالى ـ : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ ، وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ ، وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ).
__________________
(١) راجع كتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي ج ١ ص ٢٧.
(٢) تفسير الآلوسى ج ٢٠ ص ١٣٢.