أى : يستعجلونك ـ أيها الرسول الكريم ـ بالعذاب ، الذي لا يطلبه أحد في ذهنه مثقال ذرة من عقل ، والحال أن ما استعجلوه سينزل بهم لا محالة ، وستحيط بهم جهنم من كل جانب.
ثم بين ـ سبحانه ـ كيفية إحاطة جهنم بهم فقال : (يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ).
أى : ستحيط بهم جهنم من كل جانب. يوم يحل بهم العذاب (مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) أى : من جميع جهاتهم.
(وَيَقُولُ) ـ سبحانه ـ لهم ، على سبيل التقريع والتأنيب (ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أى : تذوقوا العذاب المهين الذي كنتم تستعجلونه في الدنيا والذي أحاط بكم من كل جانب بسبب أعمالكم القبيحة ، وأقوالكم الباطلة.
وبعد أن بين ـ سبحانه ـ سوء عاقبة المكذبين ، الذين استعجلوا العذاب لجهلهم وعنادهم ، أتبع ذلك بتوجيه نداء إلى المؤمنين أمرهم فيه بالثبات على الحق ، فقال ـ تعالى ـ :
(يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (٥٦) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٥٨) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٥٩) وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)(٦٠)
قال الإمام ابن كثير : قوله ـ تعالى ـ : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ.) .. : هذا أمر من الله ـ تعالى ـ لعباده المؤمنين ، بالهجرة من البلد الذي لا يقدرون فيه على إقامة الدين ، إلى أرض الله الواسعة ، حيث يمكن إقامة الدين ، بأن يوحدوا الله ويعبدوه كما أمرهم ...
روى الإمام أحمد عن أبى يحيى مولى الزبير بن العوام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «البلاد بلاد الله ، والعباد عباد الله ، فحيثما أصبت خيرا فأقم».