آخر متى كان قادرا على ذلك.
وهذا ما فعله إبراهيم ـ عليهالسلام ـ فقد قال لقومه بعد أن يئس من صلاحهم ، وبعد أن نجاه الله من كيدهم : (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ).
٥ ـ أن الدعاء متى صدر من نفس عامرة بالإيمان والتقوى ، ومن قلب سليم من الهوى .. كان جديرا بالإجابة.
فلقد تضرع إبراهيم إلى ربه أن يرزقه الذرية الصالحة ، فأجاب الله دعاءه.
كما حكى ـ سبحانه ـ ذلك في قوله : (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ، فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ).
ثم قال ـ سبحانه ـ بعد ذلك : (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ).
٦ ـ أن إبراهيم وإسماعيل ـ عليهماالسلام ـ قد ضربا أروع الأمثال في صدق الإيمان ، وفي الاستسلام لأمر الله ـ تعالى ـ وفي الرضاء بقضائه.
فكافأهما ـ عزوجل ـ على ذلك مكافأة جزيلة ، بأن جعل الذكر الحسن باقيا لإبراهيم إلى يوم القيامة ، وبأن افتدى الذبيح بذبح عظيم.
قال ـ تعالى ـ : (وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ. وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ. سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ. كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ).
٧ ـ أن الذبيح الذي ورد ذكره في هذه القصة ، والذي افتداه الله ـ تعالى ـ بذبح عظيم ، هو إسماعيل ـ عليهالسلام ـ وعلى ذلك سار جمهور العلماء ، ومن أدلتهم على ما ذهبوا إليه ما يأتى :
(أ) أن سياق القصة يدل دلالة واضحة على أن الذبيح إسماعيل ، لأن الله ـ تعالى ـ حكى عن إبراهيم أنه تضرع إليه ـ تعالى ـ بقوله : (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) فبشره ـ سبحانه ـ (بِغُلامٍ حَلِيمٍ) ، وهذا الغلام عند ما بلغ السن التي يمكنه معها مساعدة أبيه في أعماله. قال له أبوه : (يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى) ثم افتدى الله ـ تعالى ـ هذا الغلام بذبح عظيم.
ثم قال ـ تعالى ـ بعد كل ذلك : (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ).
وهذا يدل على أن المبشر به الأول وهو إسماعيل ، غير المبشر به الثاني وهو إسحاق.
(ب) أن البشارة بمولد إسحاق ـ عليهالسلام ـ قد جاء الحديث عنها مفصلا في سورة