بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة
١ ـ سورة «ص» هي السورة الثامنة والثلاثون في ترتيب المصحف ، وكان نزولها بعد سورة «القمر» وهي من السور المكية الخالصة. ويقال لها سورة «داود».
قال الآلوسى : هي مكية ـ كما روى عن ابن عباس وغيره ـ وهي ثمان وثمانون آية في المصحف الكوفي. وست وثمانون في الحجازي والبصري والشامي ... وهي كالمتممة لسورة الصافات التي قبلها ، من حيث إنه ذكر فيها ما لم يذكر في تلك من الأنبياء ، كداود وسليمان ...» (١).
٢ ـ وقد افتتحت سورة «ص» بقسم من الله ـ تعالى ـ بالقرآن الكريم ، على صدق الرسول صلىاللهعليهوسلم ، فيما يبلغه عن ربه.
ثم حكى ـ سبحانه ـ ما قاله المشركون فيما بينهم ، لإنكار نبوة النبي صلىاللهعليهوسلم ، ولإنكار يوم القيامة وما فيه من ثواب وعقاب ، ورد عليهم بما يثبت جهلهم وغفلتهم واستكبارهم عن قبول الحق ..
قال ـ تعالى ـ : (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ. ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ. أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا ، بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ. أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ. أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ).
٣ ـ ثم انتقلت السورة الكريمة بعد ذلك إلى تسلية الرسول صلىاللهعليهوسلم عما لحقه منهم من أذى وكيد ، فحكت له أن أقوام الرسل السابقين قد قابلوا رسلهم بالتكذيب ، وأمرته بالصبر على جهالاتهم ، وساقت جانبا من قصة داود ـ عليهالسلام فذكرت بعض النعم التي أنعم الله ـ تعالى ـ بها عليه ، كما ذكرت ما دار بينه وبين الخصوم الذين تسوروا عليه المحراب.
قال ـ تعالى ـ : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ.) وثمود وقوم لوط
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢٣ ص ١٦٠.