أى : لأمر عظيم .. وعلى كلا المعنيين فالمقصود أنهم لا وزن لهم بجانب قدرة الله ـ تعالى ـ.
و «هنالك» صفة لجند ، أو ظرف لمهزوم. وهو إشارة إلى المكان البعيد.
و «مهزوم» خبر ثان للمبتدأ المقدر ، وأصل الهزم : غمز الشيء اليابس حتى يتحطّم ويكسر.
يقال : تهزّمت القربة ، بمعنى يبست. وتكسرت. وهزم الجيش بمعنى غلب وكسر.
والمعنى : هؤلاء المشركون ـ أيها الرسول الكريم ـ لا تهتم بأمرهم ، ولا تكترث بجموعهم ، فهم سواء أكانوا قليلين أم كثيرين ، لا قيمة لهم بجانب قوتنا التي لا يقف أمامها شيء ، ومهما تحزبوا عليك فهم جند مهزومون ومغلوبون أمام قوة المؤمنين في مواطن متعددة.
فالآية الكريمة بشارة للمؤمنين بالنصر على أعدائهم كما قال ـ تعالى ـ : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ).
قال صاحب الكشاف : قوله : (جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ) يريد ما هم إلا جيش من الكفار المتحزبين على رسل الله مهزوم مكسور عما قريب ، فلا تبال بما يقولون ، ولا تكترث لما به يهذون ، و «ما» مزيدة ، وفيها معنى الاستعظام ... إلا أنه على سبيل الاستهزاء بهم. و (هُنالِكَ) إشارة حيث وضعوا فيه أنفسهم من الانتداب لمثل ذلك القول العظيم ، من قولهم لمن ينتدب لأمر ليس من أهله : لست هنالك (١).
وبذلك نرى الآيات الكريمة قد حكت أقوال المشركين ، وردت عليها ردا يكبتهم ويزهق باطلهم ، وختمت بما يبشر المؤمنين بالنصر عليهم.
ثم ساق ـ سبحانه ـ جانبا مما أصاب السابقين من دمار حين كذبوا رسلهم لكي يعتبر المشركون المعاصرون للنبي صلىاللهعليهوسلم ولكي يقلعوا عن شركهم حتى لا يصيبهم ما أصاب أمثالهم من المتقدمين عليهم ، فقال ـ تعالى ـ :
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ (١٢) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ (١٣) إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٤ ص ٧٥.