ونسب ـ سبحانه ـ القول إليهم جميعا مع أن القائل هو النضر بن الحارث ، أو أبو جهل .. لأنهم قد رضوا بهذا القول ، ولم يعترضوا على قائله.
وقيل المراد بقوله ـ تعالى ـ : (عَجِّلْ لَنا قِطَّنا ..) أى : صحائف أعمالنا لننظر فيها قبل يوم الحساب.
وقيل المراد به : نصيبهم من الجنة أى : عجل لنا نصيبنا من الجنة التي وعد رسولك بها أتباعه ، وأعطنا هذا النصيب في الدنيا قبل يوم الحساب لأننا لا نؤمن بوقوعه.
وعلى جميع الأقوال ، فالمراد بيان أنهم قوم قد بلغ بهم التطاول والغرور منتهاه ، حيث استهزءوا بيوم الحساب ، وطلبوا تعجيل نزول العذاب بهم في الدنيا ، بعد أن سمعوا من الرسول صلىاللهعليهوسلم أن عقوبتهم مؤجلة إلى الآخرة ..
قال ـ تعالى ـ : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ، وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (١).
وقال ـ سبحانه ـ : (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ ، وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) (٢).
ثم واصلت السورة الكريمة تسليتها للرسول صلىاللهعليهوسلم حيث أمرته بالصبر ، وذكرت له ـ بشيء من التفصيل ـ قصص بعض الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ وبدأت بقصة داود ـ عليهالسلام ـ الذي آتاه الله الملك والنبوة قال ـ تعالى ـ :
(اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ (١٨) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (١٩) وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ (٢٠) وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ (٢١) إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ
__________________
(١) سورة الأنفال الآية ٢٣.
(٢) سورة الحج الآية ٤٧.