(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (١٣) إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (١٤) قالُوا ما أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ (١٥) قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (١٦) وَما عَلَيْنا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٧) قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (١٨) قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) (١٩)
قال القرطبي ما ملخصه : قوله ـ تعالى ـ : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ) وهذه القرية هي «أنطاكية» في قول جميع المفسرين ... والمرسلون : قيل : هم رسل من الله على الابتداء. وقيل : إن عيسى بعثهم إلى أنطاكية للدعاء إلى الله ـ تعالى ـ (١).
ولم يرتض ابن كثير ما ذهب إليه القرطبي والمفسرون من أن المراد بالقرية «أنطاكية» كما أنه لم يرتض الرأى القائل بأن الرسل الثلاثة كانوا من عند عيسى ـ عليهالسلام ـ فقد قال ـ رحمهالله ـ ما ملخصه : وقد تقدم عن كثير من السلف ، أن هذه القرية هي أنطاكية ، وأن هؤلاء الثلاثة كانوا رسلا من عيسى ـ عليهالسلام ـ وفي ذلك نظر من وجوه :
أحدها : أن ظاهر القصة يدل على أن هؤلاء كانوا رسل الله ـ عزوجل ـ لا من جهة عيسى ، كما قال ـ تعالى ـ : (إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ ...)
الثاني : أن أهل أنطاكية آمنوا برسل عيسى إليهم ، وكانوا أول مدينة آمنت بالمسيح عليهالسلام ، ولهذا كانت عند النصارى ، إحدى المدن الأربعة التي فيها بتاركة ـ أى ، علماء بالدين المسيحي ..
__________________
(١) راجع تفسير القرطبي ج ١٥ ص ١٤.