بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدّمة
١ ـ سورة «الزمر» هي السورة التاسعة والثلاثون في ترتيب المصحف أما ترتيبها في النزول فهي السورة الثامنة والخمسون من السور المكية ، وكان نزولها بعد سورة سبأ.
وقد ذكر صاحب الإتقان أنها تسمى ـ أيضا ـ سورة «الغرف» ، لقوله ـ تعالى ـ : (لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ).
٢ ـ ويرى المحققون أن السورة بكاملها مكية.
قال الآلوسى : عن ابن عباس أنها نزلت بمكة ولم يستثن ، وأخرج النحاس عنه أنه قال : نزلت سورة الزمر بمكة سوى ثلاث آيات نزلت بالمدينة في وحشي قاتل حمزة ، وهي قوله ـ تعالى : ـ (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ).
٣ ـ وآياتها خمس وسبعون آية في المصحف الكوفي ، وثلاث وسبعون في المصحف الشامي ، واثنتان وسبعون في غيرهما (١).
٤ ـ وتبدأ السورة الكريمة بالثناء على الله ـ تعالى ـ الذي أنزل القرآن بالحق على نبيه محمد صلىاللهعليهوسلم والذي خلق السموات والأرض بالحق والذي خلق الناس جميعا من نفس واحدة ، قال ـ تعالى ـ : (تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ، إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ ، فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ. أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ ..).
٥ ـ ثم تنتقل السورة إلى الحديث عن حالة الإنسان عند ما ينزل به الضر ، وعن الجزاء الحسن الذي أعده ـ سبحانه ـ للصابرين ، وعن العقاب الأليم الذي أعده للخاسرين.
(قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ ، وَأَرْضُ اللهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ. قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ. وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ. قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ. قُلِ اللهَ
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢٣ ص ٢٣٢.