ما ملخصه : ثم إن هذه الآية ـ وإن كان سياقها في المؤمنين والكافرين ، وذكر الخصومة بينهم في الدار الآخرة ـ فإنها شاملة لكل متنازعين في الدنيا ، فإنه تعاد عليهم الخصومة في الدار الآخرة.
روى ابن أبى حاتم عن الزبير بن العوام ـ رضى الله عنه ـ قال : لما نزلت هذه الآية قلت : يا رسول الله أتكرر علينا الخصومة؟ قال : نعم. قلت : إن الأمر إذا لشديد.
وروى الإمام أحمد عن أبى سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ «والذي نفسي بيده إنه ليختصم حتى الشاتان فيما انتطحتا».
وقال ابن عباس : يخاصم الصادق الكاذب ، والمظلوم الظالم ، والمهدىّ الضالّ ، والضعيف المستكبر (١).
ثم بين ـ سبحانه ـ أنه لا أحد أشد ظلما ممن كذب على الله ـ تعالى ـ وكذب بالصدق إذ جاءه ، وأن من صفات المتقين أنهم يؤمنون بالحق ، ويدافعون عنه ، وأنه ـ سبحانه ـ سيكفر عنهم سيئاتهم ... فقال ـ تعالى ـ :.
(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٣٢) وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣) لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٣٥) أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ
__________________
(١) راجع تفسير ابن كثير ج ٧ ص ٨٧.
(٢) أول الجزء الرابع والعشرون.