الْمُحْسِنِينَ) لأقوالهم وأفعالهم ، وعقائدهم ، بحيث أخلص العبادة لله ـ تعالى ـ وأطيعه في السر والعلن.
وهكذا يصور القرآن الكريم أحوال النفوس في الآخرة ، تصويرا مؤثرا بليغا ، يحمل كل عاقل على الإيمان الصالح الذي ينفعه في ذلك اليوم الهائل الشديد.
وقوله ـ سبحانه ـ : (بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) رد منه ـ عزوجل ـ على هذا القائل : (لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) وتكذيب له في هذه الدعوى.
والمراد بالآيات : الحجج والبراهين الدالة على حقيقة دين الإسلام ، وعلى رأسها آيات القرآن الكريم.
أى ليس الأمر كما ذكرت أيها النادم على ما فرط منه ، من أن الله لم يهدك إلى الطريق القويم ، بل الحق أن الله ـ تعالى ـ قد أرشدك إليه عن طريق إرسال رسوله ، وإنزال كتابه ، ولكنك كذبت رسوله ، واستكبرت عن سماع آيات الله وعن اتباعها ، وكنت في دنياك من الكافرين بها ، الجاحدين لصدقها ، فأصابك ما أصابك من عذاب في الآخرة بسبب أعمالك القبيحة في الدنيا.
قال الشوكانى : وجاء ـ سبحانه ـ بخطاب المذكر في قوله : «جاءتك ، وكذبت واستكبرت ، وكنت» لأن النفس تطلق على المذكر والمؤنث. قال المبرد : تقول العرب. نفس واحد. أى ، إنسان واحد .. (١).
ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن أحوال الكافرين والمؤمنين يوم القيامة ، وعن مظاهر قدرة الله ـ تعالى ـ وعن تلقين الله ـ تعالى ـ لنبيه صلىاللهعليهوسلم الجواب الذي يرد به على المشركين. وعن أحوال الناس عند النفخ في الصور .. قال ـ تعالى ـ.
(وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ (٦٠) وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦١) اللهُ
__________________
(١) تفسير فتح القدير ج ٤ ص ٤٧٢.