(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ (١٠) قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (١١) ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) (١٢)
والمقت أشد أنواع البغض والغضب. يقال : مقته مقتا ، إذا غضب عليه غضبا شديدا ، ومنه قوله ـ تعالى ـ : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلاً) (١).
والمنادى لهؤلاء الكافرين : هم الملائكة خزنة النار ، أو المؤمنون. وهذا النداء إنما يكون يوم القيامة ، يوم توفى كل نفس ما كسبت.
أى : إن الذين كفروا بعد أن أحاطت بهم النار ، وبعد أن عادوا على أنفسهم بأشد ألوان الندامة والحسرة والمقت. لإيثارها الكفر على الإيمان.
بعد كل ذلك (يُنادَوْنَ) بأن يقال لهم : إن مقت الله ـ تعالى ـ لكم بسبب إصراركم على الكفر حتى هلكتم .. أشد وأعظم من مقتكم لأنفسكم مهما بلغ مقتكم لها وكراهيتكم لها.
قال الآلوسى ما ملخصه : قوله (يُنادَوْنَ) المنادى لهم الخزنة أو المؤمنون يقولون إعظاما لحسرتهم : (لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) وهذا معمول للنداء لتضمنه معنى القول ، كأنه قيل : ينادون مقولا لهم : لمقت .. ومقت مصدر مضاف إلى الاسم الجليل : إضافة المصدر لفاعله ، وكذا إضافة المقت الثاني إلى ضمير الخطاب .. (٢).
__________________
(١) سورة النساء الآية ٢٢.
(٢) تفسير الآلوسى ج ٢٤ ص ٥٠.